وهذا يجري مجرى من علم الله سبحانه أنه يقتل عبدا مسلما تقيا برا عدلا وفيا على غير التعمد، ومع حسن الطوية وسلامة النية والاخلاص لله تعالى في الطاعة، فذكر النبي (ص) أن هذا القاتل من أهل الجنة فقال: إن فلانا يعني الإمام سيقتل وإن قاتله من أهل الجنة ليكشف بذلك عن حاله ويمنع الاعتقاد فيه ما يوجبه ظاهر فعله من القتل الذي تلبس بالتعمد.
وإنما بشره بالجنة مع وصفه بقتل رجل من أهل الجنة ليدل على أن قتله له لم يقع على الوجه الذي به يستحق العقاب وليزيل الشبهة من أمره ويصرف الناس عن اعتقاد موجب ظاهره.
وهذا كقول نبي قال لأمته: ألا ترون أن فلانا الصائم نهاره القائم ليله المتصدق بماله، اعلموا أنه من أهل النار ليدلهم بذلك على مآله ويكشف لهم عن باطنه ولتزول الشبهة عنهم في أمره بحسن ظاهره، أو قال في رجل مرتكب لكبائر الذنوب، اعلموا أن فلانا الشارب للخمور القاتل للنفوس المرتكب للفجور من أهل الجنة، فذلك سائغ جائز يدل على مال الرجل ويكشف عن عاقبته ويمنع من الاعتقاد لما يجب بظاهره على أغلب الأمور ومدار هذا الباب هو أن كل من فعل فعلا أوجب ظاهره فيه حكما لأجل الفعل وكان الباطن عند الله سبحانه وتعالى يخالف الظاهر وأراد الإبانة عن حاله وإزالة الشبهة في أمره، حكم عليه بخلاف حكم الظاهر وعلقه بذكر الفعل الذي يوجب على الظاهر ضد ما حكم به لأجل الباطن ليزيل الشبهة بذكر ذلك، ويدل على ما كان ملتبسا بالفعل بعينه.
ولولا أن النبي (ص) ذكر قاتل الزبير وخبر عنه بالنار عند ذكر قتله لوجب أن يعتقد في قاتله منزلة أجل الصالحين، ومن فقأ عين الفتنة واجتث أصل