التساوي فالقرعة، لقوله (صلى الله عليه وآله): (لو يعلم الناس) الخبر، ولقولهم (عليهم السلام): (كل امر مجهول، فيه القرعة)، انتهى.
ويؤيد ما ذكرناه [أن] (13) تشريع حكاية الأذان لكل أحد، فإنه لو جاز لكل مكلف أن يؤذن في أول الوقت اعلاما، بأن يؤذنوا جميعا، كفعلهم سائر المستحبات من الأدعية والأذكار، فلا محل، ولا وقع للحكاية، فإنه لا داعي للحكاية والاعراض عن الأذان، الذي ورد فيه ما ورد من المثوبات والأجور، مع أنه لا يشترط فيه الطهارة، والقيام، والاستقبال، فكل من يتمكن من الحكاية، يقدر على الأذان، الذي هو منها أفضل، وكلماته أقل، وثوابه أجزل، فهذا الاهتمام بالحكاية يؤذن بعدم جواز التعدد، والا فهو ترغيب بالمرجوح، في وقت التمكن من الراجح.
ويؤيده أيضا، ان في عصر النبي (صلى الله عليه وآله)، في الحضر والسفر والغزوات، حتى في فتح مكة، وقد ناف الأصحاب على عشرة آلاف سوى أهل مكة، كان المؤذن هو بلال، وكان ابن أم مكتوم يؤذن في المدينة قبله، أحيانا، كما لا يخفى على من راجع السير والاخبار، فلو كان مشروعا لكلهم، لما رغبوا عن هذه السنة الأكيدة، مع شدة اهتمامهم في السنن، ومواظبتهم عليها، خصوصا الظاهرة منها، ولم نعثر على أثر حاك عن أحد من كبارهم، وضعفائهم، وزهادهم، وعبادهم، انه اشتغل به في أول الوقت مع بلال، أو قبله، أو بعده، وقد مر في غير واحد من الاخبار، أنه في يوم فتح مكة، لم يؤذن غير بلال.