كلام له في حض أصحابه على القتال: فقدموا الدارع وأخروا الحاصر " سر "، وعضوا على الأضراس، فإنه أنبى للسيوف عن الهام، والثووا في أطراف الرماح فإنه أمور للأسنة، وغضوا الابصار فإنه اربط للجأش واسكن للقلوب، وأميتوا الأصوات فإنه أطرد للفشل، ورأيتكم فلا تميلوها ولا تخلوها ولا تجعلونها الا بأيدي الشجعان منكم، فان الصابرين على نزول الحقائق هم الذين يحفون براياتهم ويكتنفونها حفافتها وورائها وأمامها لا يتأخرون عنها فيسلموها ولا يتقدمون عليها فيفردوها، أجزأ امرء قرنه وآسى أخاه بنفسه، ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه، وأيم الله لو فررتم من سيف العاجلة لا تسلمون من سيف الآخرة، أنتم لهاميم العرب والسنام الأعظم إن في الفرار موجدة الله، والذل اللازم، والعار الباقي، وإن الفار غير مزيد في عمره، ولا محجوب بينه وبين يومه، من رايح إلى الله كالظمآن يرد الماء الجنة تحت أطراف العوالي، اليوم تبلى الاخبار، اللهم فان ردوا الحق فافضض جماعتهم، وشتت كلمتهم، وأبسلهم بخطاياهم إنهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك يخرج منه النسيم، وضرب يفلق الهام ويطيح العظام ويبدد السواعد والاقدام وحتى يرموا بالمناسر تتبعها المناسر، ويرموا بالكتائب تقفوها الجلايب حتى يجر بلادهم الخميس يتلوه الخميس، وحتى تدعق الخيول في نواحي أرضهم وبأعنان مساربهم ومسارحهم. أقول: وتقدم ما يدل على بعض ذلك، ويأتي ما يدل عليه 16 - باب حكم المحاربة بالقاء السم والنار، وارسال الماء ورمى المنجنيق، وحكم من يقتل بذلك من المسلمين ونحوهم
(٤٥)