قوله (لقضاء حاجة امرئ مؤمن أحب إلي (1) من عشرين حجة كل حجة ينفق فيها صاحبها مائة ألف) أي مائة ألف دينار أو مائة ألف درهم، ولعل المراد إنفاقها في قضاء حوائج نفسه أو أحج بها لا في قضاء حوائج الرفقاء المؤمنين وغيرهم وإلا لزم تفضيل الشيء على نفسه.
5 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن إسماعيل بن عمار الصيرفي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك المؤمن رحمة على المؤمن؟
قال: نعم، قلت: وكيف ذاك؟ قال: أيما مؤمن أتى أخاه في حاجة فإنما ذلك رحمة من الله ساقها إليه وسببها له، فإن قضى حاجته، كان قد قبل الرحمة بقبولها وإن رده عن حاجته وهو يقدر على قضائها فإنما رد عن نفسه رحمة من الله عز وجل ساقها إليه وسببها له وذخر الله عز وجل تلك الرحمة إلى يوم القيامة حتى يكون المردود عن حاجته هو الحاكم فيها، إن شاء صرفها إلى نفسه وإن شاء صرفها إلى غيره، يا إسماعيل فإذا كان يوم القيامة وهو الحاكم في رحمة من الله قد شرعت له فإلى من ترى يصرفها؟ قلت: لا أظن يصرفها عن نفسه، قال: لا تظن ولكن استيقن فإنه لن يردها عن نفسه. يا إسماعيل من أتاه أخوه في حاجة يقدر على قضائها فلم يقضها له سلط الله عليه شجاعا ينهش إبهامه في قبره إلى يوم القيامة، مغفورا له أو معذبا.
* الشرح:
قوله (وسببها له) أي جعلها سببا لغفران ذنوبه ورفع درجته والسبب ما يتوصل به إلى أمر من الأمور. قال بعض الأكابر: إن الحاجة إذا عرضت للرجل عندي أبادر إلى قضائها خوفا من أن يستغني عني.
قوله (سلط الله عليه شجاعا ينهش إبهامه في قبره إلى يوم القيامة مغفورا له أو معذبا) شجاع كغراب وكتاب الحية: أو الذكر منها أو ضرب منها أو ضرب صغير، وقد يوصف بالأقرع وهو المتمعط شعر رأسه لكثرة سمه، والنهس بالسين المهملة والشين المعجمة أخذ اللحم بمقدم الأسنان ولسعه ونتفه، وفعل الأول من بابي منع وعلم وفعل الثاني من باب منع، وظاهر كثير من أرباب اللغة أن المهملة والمعجمة تكونان لكل ذي ناب مثل الكلب والذئب والحية وغيرها، وهو منقول عن الأصمعي، وقال بعضهم: المعجمة للحية، والمهملة للكلب والذئب والسبع، وقال ثعلب: المهملة تكون بأطراف الأسنان، والمعجمة بالأسنان وبالأضراس، وهذا عكس الثاني