من أسباب السعادة أو متحسرة بما حصلت من أسباب الشقاوة فلها بذاتها جنة وجحيم جنتها كمالاتها، وجحيمها رذائلها من حب الدنيا، وما يتولد منه وباعتبار البدن جنة وجحيم تعود إلى إحداهما بعد الحشر. إذا عرفت هذا فنقول: من أحب الدنيا ولم يصبر على ما نابه فيها وترك ما يتوقع منها فهو في حسرة دائما، أما على الأول فظاهر، وأما على الثاني فلأنه إن لم يحصل له فهو في حسرة لفوات محبوبه، وإن حصل له فهو في حسرة على فواته وأخذه منه قهرا عند الموت وبعده كالعاشق إذا لم يجد المعشوق أو وجده وأخذه منه قهرا.
(ومن أتبع بصره ما في أيدي الناس كثر همه ولم يشف غيظه) فيه حث على النظر إلى من دونه فإنه يوجب الرضا بقسمته ومعرفة قدر نعمته والشكر لربه ومنع من النظر إلى من فوقه من أهل الدنيا وما هم فيه من النعماء، فإن من نظر إليهم زاغ قلبه وكثر همه وزاد غمه ولم يشف غيظه بل يوجب زيادة غيظه لكثرة حظهم وقلة حظه ويبعثه على تمني مثل حالهم وهو لا يعلم حقيقة مآلهم كما (قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم * وقال