فقلت: إني كنت على النصرانية وإني أسلمت. فقال: وأي شيء رأيت في الإسلام؟ قلت: قول الله عز وجل: (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء) فقال:
لقد هداك الله، ثم قال: اللهم اهده - ثلاثا - سل عما شئت يا بني! فقلت: إن أبي وأمي على النصرانية وأهل بيتي، وأمي مكفوفة البصر فأكون معهم وآكل في آنيتهم؟ فقال: يأكلون لحم الخنزير؟ فقلت: لا ولا يمسونه، فقال: لا بأس فانظر امك فبرها، فإذا ماتت فلا تكلها إلى غيرك، كن أنت الذي تقوم بشأنها ولا تخبرن أحدا أنك أتيتني حتى تأتيني بمنى إن شاء الله. قال: فأتيته بمنى والناس حوله كأنه معلم صبيان، هذا يسأله وهذا يسأله، فلما قدمت الكوفة ألطفت لامي وكنت أطعمها وافلي ثوبها ورأسها وأخدمها فقالت لي: يا بني ما كنت تصنع بي هذا وأنت على ديني فما الذي أرى منك منذ هاجرت فدخلت في الحنيفية؟
فقلت: رجل من ولد نبينا أمرني بهذا، فقالت: هذا الرجل هو نبي؟ فقلت: لا ولكنه ابن نبي، فقالت: يا بني إن هذا نبي إن هذا نبي إن هذه وصايا الأنبياء، فقلت: يا امه إنه ليس يكون بعد نبينا نبي ولكنه ابنه، فقالت: يا بني دينك خير دين، اعرضه علي فعرضته عليها فدخلت في الإسلام وعلمتها، فصلت الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة، ثم عرض لها عارض في الليل، فقالت: يا بني أعد علي ما علمتني فأعدته عليها، فأقرت به وماتت، فلما أصبحت كان المسلمون الذين غسلوها وكنت أنا الذي صليت عليها ونزلت في قبرها.
* الشرح:
قوله (وأي شيء رأيت في الاسلام) فصار سببا لهدايتك فتلا الآية المذكورة الدالة على أن الهداية موهبية كما دل عليه أيضا كثير من الروايات للإشعار بأنها أثرت في نفسه حتى صارت سببا لهدايته فلذلك قال (عليه السلام): «لقد هداك الله» ثم قال: «اللهم اهده - ثلاثا -» أي زد هدايته أو ثبته عليها.
وتجويزه (عليه السلام) له الأكل في آنية أهل الكتاب معهم لا يدل عل طهارتهم وطهارة طعامهم مع مباشرتهم له بالرطوبة ولا عدم سراية النجاسة لإمكان أن يأكل في آنيتهم طعاما طاهرا مع عدم مباشرتهم لما يأكله برطوبة وإن كان خلاف الظاهر فلا ينافي ما هو المشهور فتوى ورواية من نجاستهم ونجاسة ما باشروه برطوبة. والفلي «شپش جستن از سر وجامه» وعلة من باب رمى.
12 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إسماعيل بن مهران، جميعا، عن سيف بن عميرة، عن عبد الله بن مسكان، عن عمار بن حيان قال: خبرت أبا عبد الله (عليه السلام) ببر إسماعيل ابني بي، فقال: لقد كنت احبه وقد ازددت له حبا، إن رسول الله أتته اخت له من الرضاعة فلما نظر إليها سر بها وبسط ملحفته