ثم من؟ قال: أباك) ذكر الأب في المرتبة الرابعة يشعر بأن للام ثلاثة أرباع البر هذا إذا لم يخرج تكرار البر بالام مخرج التأكيد والمبالغة وإلا فالمقصود تفضيل الأم بالبر ولعل وجه ذلك كثرة ما تلقى من ألم الحمل ومشقة الوضع ومقاساة الرضاعة والتربية وشدة المحبة، واختلفت العامة في ذلك فمشهور مالك أن الأم والأب سواء في ذلك، وقال بعضهم: تفضيل الأم مجمع عليه، وقال بعضهم:
للأم ثلثا البر مستندا بما رواه مسلم قال: «قال رجل: يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة؟
قال: أمك، ثم أمك، ثم أبوك» وقال بعضهم: لها ثلاثة أرباع البر; مستند بما رواه مسلم أيضا قال:
«قال رجل: يا رسول الله من أحق بحسن الصحبة؟ قال أمك، قال: ثم من قال امك، قال: ثم من؟ قال:
امك قال ثم من؟ قال أبوك».
10 - أبو علي الأشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى رجل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله إني راغب في الجهاد نشيط.
قال: فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): فجاهد في سبيل الله، فإنك إن تقتل تكن حيا عند الله ترزق وإن تمت فقد وقع أجرك على الله وإن رجعت رجعت من الذنوب كما ولدت، قال: يا رسول الله إن لي والدين كبيرين يزعمان أنهما يأنسان بي ويكرهان خروجي، فقال: رسول الله (صلى الله عليه وآله): فقر مع والديك فوالذي نفسي بيده لأنسهما بك يوما وليلة خير من جهاد سنة.
* الشرح:
قوله (فإنك إن تقتل تكن حيا عند الله ترزق وإن تمت فقد وقع أجرك على الله) كما قال عز وجل: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله...) وقال: (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله).
قوله (فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فقر مع والديك فوالذي) دل على أن أجر القيام على الوالدين طلبا لرضاهما يزيد على أجر الجهاد، وإطلاق الوالدين مع عدم الاستفسار والتفصيل يشمل الكافرين، ثم إن توقف الجهاد على إذنهما مشروط بعدم تعينه عليه، ويفهم منه أنه لا يجوز له السفر بدون إذنهما مطلقا إلا أن يكون واجبا عليه عينا وهل يلحق الأجداد والجدات بالوالدين في هذا الحكم أم لا، لم يحضرني الآن نص صحيح، ولا قول صريح من أصحابنا وذهب مالك إلى لحوقهم حيث قال: الجدان كالأبوين لا يخرج إلى الجهاد بدون إذنهما.
11 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن زكريا بن إبراهيم قال: كنت نصرانيا فأسلمت وحججت فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)