فلا تطعهما ولا تسمع قولهما. ثم عطف القول على الوالدين فقال: (وصاحبهما في الدنيا معروفا) يقول: عرف الناس فضلهما وادع إلى سبيلهما وذلك قوله: (واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم) فقال: إلى الله ثم إلينا فاتقوا الله ولا تعصوا الوالدين فإن رضاهما رضا الله وسخطهما سخط الله. ويمكن جعل آخر الآية أيضا لبر الوالدين المعروفين وإرجاع الضمير في (لا تطعهما) و (جاهداك) إليهما وقال (عليه السلام): إن ذلك أعظم الأمر بصلتهما وحقهما على كل حال أي على حال الشرك وعدمه فقال الراوي: «وإن جاهداك - إلى قوله - فلا تطعهما، دل على عدم إطاعتهما في حال الشرك فكيف يدل على الأمر بصلتهما وحقهما على كل حال؟» فقال (عليه السلام): «لا» أي ليس الأمر كما زعمت من النهي عن إطاعتهما في حال الشرك بل يأمر بصلتهما وإحسانهما ومصاحبتهما وإن جاهداه على الشرك. نعم المنهي عنه إطاعتهما في الشرك.
7 - عنه، عن محمد بن علي عن الحكم بن مسكين، عن محمد بن مروان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين وميتين، يصلي عنهما، ويتصدق عنهما، ويحج عنهما، ويصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما وله مثل ذلك فيزيده الله عز وجل ببره وصلته خيرا كثيرا.
* الشرح:
قوله (يصلى عنهما ويتصدق عنهما ويحج عنهما ويصوم عنهما) دل على أن ثواب هذه الأعمال وغيرها يصل إلى الميت وهو مذهب علمائنا، وأما العامة فقد اتفقوا على أن ثواب الصدقة يصل إليه، واختلفوا في عمل الأبدان فقيل: يصل قياسا على الصدقة، وقيل: لا يصل; لقوله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) إلا الحج لأن فيه شائبة عمل البدن وإنفاق المال فغلب المال.
8 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): أدعو لوالدي إذا كانا لا يعرفان الحق؟ قال: ادع لهما وتصدق عنهما، وإن كانا حيين لا يعرفان الحق فدارهما، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق.
9 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله): فقال: يا رسول الله من أبر؟ قال: امك، قال: ثم من؟ قال امك، قال: ثم من؟
قال: امك، قال: ثم من؟ قال: أباك.
* الشرح:
قوله (فقال: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: