أعظم منه، هذا إذا اكتسب المال من حله وأنفقه في حله لوجه الله تعالى كما دلت عليه الرواية وتشهد عليه التجربة.
(ولسان الصدق للمرء يجعله الله في الناس خيرا من المال يأكله ويورثه) يعني مدح الناس له بالجميل وذكرهم بالخبر ودعاؤهم له بالمغفرة خير من المال يأكله ويورثه إذ ليس في المأكل مدح وكمال مع انقطاع نفعه، والتوريث إنما هو بغير اختيار مع أن الوارث إن صرفه في وجوه البر كان الثواب له لا للمورث (لا يزدادن أحدكم كبرا وعظما في نفسه ونأيا عن عشيرته إن كان موسرا في المال) لما كان أعظم أسباب كبر الرجل وعظمته وبعده عن العشيرة هو يسره وكونه ذا مال، قيد النهي عن تلك الأمور به، وليس المراد جواز هذه الأمور مع العسر بل تعلق النهي بها مع العسر أولى.
(ولا يزدادن أحدكم في أخيه زهدا ولا منه بعدا إذا لم ير منه مروة وكان معوزا في المال) المروة كمال الرجولية بالإحسان ونحوه. والمعوز بكسر الواو: المفتقر الذي لا شيء له، من أعوز الرجل إعوازا افتقر، وبفتحها: الفقير، من أعوزه الدهر أفقره وأحوجه. وفيه مبالغة في النهي عن الإعراض من الأخ والبعد منه فإنه إذا قبح ذلك مع عدم مروة الأخ فقد قبح مع مروته بطريق أولى (لا يغفل أحدكم عن القرابة بها الخصاصة أن يسدها بمالا ينفعه إن أمسكه ولا يضره إن استهلكه) الظاهر أن بها الخصاصة مبتدأ وخبر والجملة حال عن القرابة، وأن يسدها بدل عنها أو متعلق ب «لا يغفل» بتقدير من، أي لا يغفل أحدكم من أن يسد خصاصة القرابة واحتياجها بمال لا ينفعه إن أمسكه بالمنع ولا يضره إن استهلكه بالإعطاء وغيره، وفيه ترغيب للمرء في صرف فضل ماله في الأقرباء لأن الفضل لا ينفعه حفظه ولا يضره دفعه.
20 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن سليمان بن هلال قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن آل فلان يبر بعضهم بعضا ويتواصلون، فقال: إذا تنمى أموالهم وينمون، فلا يزالون في ذلك حتى يتقاطعوا، فإذا فعلوا ذلك انقشع عنهم.
* الشرح:
قوله (فلا يزالون في ذلك) أي نمو أموالهم وزيادتها ونموهم بزيادة أعمارهم وتكثر أعدادهم.
21 - عنه، عن غير واحد، عن زياد القندي، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن القوم ليكونون فجرة ولا يكونون بررة، فيصلون أرحامهم فتنمى أموالهم وتطول أعمارهم، فكيف إذا كانوا أبرارا بررة.