الصور والأعيان، فيقتضى هذا النوع من الاتحاد والنسب من الايمان أن يتألم كل بتألم الآخر ويفرح بفرحه. وفيه ترغيب في التناصر والتعاون والتراحم والتعاطف في الواجبات والمندوبات والمباحات والضروريات وقضاء الحاجات ودفع البليات، ثم رغب في رعاية المؤمن والفرح بفرحه والتألم بحزنه والتجنب عن أذاه بقوله:
(وإن روح المؤمن لأشد اتصالا بروح الله) أي بذاته المقدسة. (من اتصال شعاع الشمس بها) المراد بالاتصال الاتصال المعنوي، وشبهه بالاتصال الحسي الجسماني لإيضاح المقصود وتقريبه إلى الفهم، ووجه الأشدية أن المؤمن مرآة الحق يرى فيه صفاته ولو ظهر ذلك الاتصال ليرى كأنه هو ولا يفرق بينهما إلا العارفون الذين يعلمون بنور البصيرة والعرفان أن هذا خلق اتصف بصفات الخالق، وأما الجاهلون فيزعمون أنه هو بخلاف اتصال الشعاع بالشمس فإنه يفرق بينهما العالم والجاهل.
5 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن مثنى الحناط، عن الحارث بن المغيرة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): المسلم أخو المسلم هو عينه ومرآته ودليله، لا يخونه ولا يخدعه ولا يظلمه ولا يكذبه ولا يغتابه.
* الشرح:
قوله (هو عينه ومرآته ودليله) أما أنه مرآته فلأن في كل واحد صفات الآخر مثل الإيمان وأركانه ولواحقه وآثاره والأخلاق والآداب فكان كل واحد مظهرا لصفات الآخر ومرآة له، وأما أنه دليله فلأنه يهديه إلى ما ينفعه في الدنيا والآخرة فيعلمه أمر الدين ويزجره عن المنهيات ويرغبه في الخيرات وينبهه عن الغفلات ويظهر عليه قبح اللذات والشهوات.
6 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ودخل عليه رجل فقال لي: تحبه؟ فقلت: نعم فقال لي: ولم لا تحبه وهو أخوك وشريكك في دينك وعونك على عدوك ورزقه على غيرك.
* الشرح:
قوله (ولم لا تحبه وهو أخوك وشريكك في دينك وعونك على عدوك ورزقه على غيرك) رغب في المحبة بذكر الفوائد والبواعث ورفع المانع، أما الباعث فثلثه تعود إلى المحب، وأما المانع فإنما هو تكفل مؤونته ورزقه، وليس ذلك إلا على الله عز وجل، وقوله «في دينك» متعلق ب «أخوك وشريكك» على سبيل التنازع، والظاهر أن المراد بالعدو الإنسان المخالف له ويحتمل الأعم منه ومن الشيطان والنفس الأمارة.