ابن الحسن الصفار، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، عن عمه عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليه السلام)، قال: قام رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) يقال له همام وكان عابدا، فقال له: يا أمير المؤمنين، صف لي المتقين حتى كأني أنظر إليهم، فتثاقل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن جوابه، ثم قال له:
ويحك يا همام، اتق الله، وأحسن، فإن الله مع الذي اتقوا والذين هم محسنون.
فقال همام: يا أمير المؤمنين، أسألك بالذي أكرمك بما خصك به وحباك وفضلك بما آتاك وأعطاك لما وصفتهم لي.
فقام أمير المؤمنين (عليه السلام) قائما على قدميه (1) فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي وآله، ثم قال: أما بعد، فإن الله عز وجل خلق الخلق حيث خلقهم غنيا عن طاعتهم، آمنا لمعصيتهم، لأنه لا تضره معصية من عصاه منهم، ولا تنفعه طاعة من أطاعه منهم، وقسم بينهم معايشهم، ووضعهم من (2) الدنيا مواضعهم، وإنما أهبط الله آدم وحواء (عليهما السلام) من الجنة عقوبة لما صنعا، حيث نهاهما فخالفاه، وأمرهما فعصياه.
فالمتقون فيها من أهل الفضائل، منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع. خشعوا (3) لله عز وجل بالطاعة فتهبوا (4)، فهم غاضون أبصارهم عما حرم الله عليهم، واقفين أسماعهم على العلم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي