فأمر يوسف (عليه السلام) أن يجعل صواع (١) الملك في رحل ابن يامين، فلما تجهزوا (أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون * قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون * قالوا: نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم * قالوا: تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين). وكان الرسم فيهم والحكم أن السارق يسترق ولا يقطع (قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين * قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزى الظالمين * فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه) فحبسه، فقال إخوته لما أصابوا الصواع في وعاء ابن يامين (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون * قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين * قال معاذ الله أن تأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون * فلما استيئسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبى أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين أرجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين وسئل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون).
فلما رجعوا إلى أبيهم، قالوا ذلك له، قال: إن ابني لا يسرق ﴿بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم﴾ (2). ثم أمر بنيه بالتجهيز إلى مصر، فساروا حتى أتوا مصر، فدخلوا على يوسف (عليه السلام) ودفعوا إليه كتاب من يعقوب يستعطفه فيه ويسأله رد ولده عليه، فلما نظر فيه خنقته العبرة، ولم يصبر حتى قام فدخل البيت فبكى ساعة، ثم خرج إليهم فقالوا له: (يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزى المتصدقين) فقال لهم يوسف: (هل علمتم ما فعلتم