قال إبليس: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تخلق من الطين كهيئة الطير، فتنفخ فيه فيصير طيرا؟ قال عيسى (عليه السلام): بل العظمة للذي خلقني وخلق ما سخر لي.
قال إبليس: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تشقي المرضى؟ قال عيسى (عليه السلام): بل العظمة للذي بإذنه أشفيهم، وإذا شاء أمرضني.
قال إبليس: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تحيي الموتى؟ قال عيسى (عليه السلام): بل العظمة للذي بإذنه أحييهم، ولا بد من أن يميت ما أحييت، ويميتني.
قال إبليس: يا عيسى، فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تعبر البحر فلا تبتل قدماك ولا ترسخ فيه؟ قال عيسى (عليه السلام): بل العظمة للذي لله لي ولو شاء أغرقني.
قال إبليس: يا عيسى، فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنه سيأتي عليك يوم تكون السماوات والأرض ومن فيهن دونك، وأنت فوق ذلك كله تدبر الامر وتقسم الأرزاق؟ فأعظم عيسى (عليه السلام) ذلك من قول إبليس الكافر اللعين، فقال عيسى (عليه السلام): سبحان الله ملء سماواته وأرضيه، ومداد كلماته، وزنة عرشه، ورضا نفسه. قال: فلما سمع إبليس (لعنه الله) ذلك ذهب على وجهه لا يملك من نفسه شيئا حتى وقع في اللجة الخضراء.
قال ابن عباس، فخرجت امرأة من الجن تمشي على شاطئ البحر، فإذا هي بإبليس ساجدا على صخرة صماء تسيل دموعه على خديه، فقامت تنظر إليه تعجبا، ثم قالت له: ويحك يا إبليس، ما ترجو بطول السجود؟ فقال لها: أيتها المرأة الصالحة، ابنة الرجل الصالح، أرجو إذا أبر ربي عز وجل قسمه، وأدخلني نار جهنم، أن يخرجني من النار برحمته (1).
301 / 2 - حدثنا أحمد بن هارون الفامي، قال حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع، عن أبيه، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن إبراهيم