وبرز من بعده علي بن الحسين الأصغر (عليهما السلام)، فلما برز إليهم دمعت عين الحسين (عليه السلام) فقال: اللهم كن أنت الشهيد عليهم، فقد برز إليهم ابن رسولك، وأشبه الناس وجها وسمتا به، فجعل يرتجز وهو يقول:
أنا علي بن الحسين بن علي * * نحن وبيت الله أولى بالنبي أما ترون كيف أحمي عن أبي فقتل منهم عشرة، ثم رجع إلى أبيه، فقال: يا أبه العطش، فقال الحسين (عليه السلام): صبرا يا بني، يسقيك جدك بالكأس الأوفى. فرجع فقاتل حتى قتل منهم أربعة وأربعين رجلا، ثم قتل (صلى الله عليه).
وبرز من بعده القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) وهو يقول:
لا تجزعي نفسي فكل فان * * اليوم تلقين ذرى الجنان فقتل منهم ثلاثة، ثم رمي عن فرسه (رضوان الله عليه وصلواته).
ونظر الحسين (عليه السلام) يمينا وشمالا ولا يرى أحدا، فرفع رأسه إلى السماء، فقال: اللهم إنك ترى ما يصنع بولد نبيك. وحال بنو كلاب بينه وبين الماء، ورمي بسهم فوقع في نحره، وخر عن فرسه، فأخذ السهم فرمى به، وجعل يتلقى الدم بكفه، فلما امتلأت لطخ بها رأسه ولحيته وهو يقول: ألقى الله عز وجل وأنا مظلوم متلطخ بدمي. ثم خر على خده الأيسر صريعا، وأقبل عدو الله سنان بن أنس الأيادي، وشمر ابن ذي الجوشن العامري (لعنهما الله) في رجال من أهل الشام حتى وقفوا على رأس الحسين (عليه السلام)، فقال بعضهم لبعض: ما تنتظرون؟ أريحوا الرجل. فنزل سنان بن أنس الأيادي (لعنه الله) وأخذ بلحية الحسين (عليه السلام) وجعل يضرب بالسيف في حلقه وهو يقول: والله إني لأحتز رأسك، وأنا أعلم أنك ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخير الناس أبا وأما.
وأقبل فرس الحسين (عليه السلام) حتى لطخ عرفه وناصيته بدم الحسين (عليه السلام)، وجعل يركض ويصهل، فسمع بنات النبي (صلى الله عليه وآله) صهيله، فخرجن فإذا الفرس بلا راكب، فعرفن أن حسينا (صلى الله عليه) قد قتل، وخرجت أم كلثوم بنت