حيث إن الرجل أول من نشر لواء إشاعة التشيع بالري ينبغي أن أشير إلى ما ذكره المؤرخون في حفه ليستكشف منه أهل دقة النظر ما يكون موجبا لمزيد البصيرة في شأنه لأن علماء الرجال قد أهملوه ولم يذكروا ترجمته في كتبهم ككثير ممن تركوه فلا - سبيل إلى الاطلاع على ترجمته المبسوطة إلا بالإحاطة بما ذكره علماء السير من أحواله وذلك لأنه من مشاهير الرجال في عصره فله وقائع تأريخية أثبتها أرباب التأريخ والسير فاحياء لذكره وأداء لبعض ما على الشيعة من حقه نخوض في نقل ما في التواريخ المعتبرة المعروفة من الأمور المتعلقة به، وحيث إن الوقوف على هذه القضايا التأريخية يستلزم نقل شئ مما ذكره المؤرخون من الوقائع والحوادث المربوطة بمخدوميه " كوتكين " و " اساتكين " ننقل أيضا منه ما يقتضيه المقام فنقول والله المستعان:
قال ابن الأثير في الكامل في ضمن ذكر ما وقع سنة ستين ومائتين تحت عنوان " ذكر الفتنة بالموصل وإخراج عاملهم " ما لفظه (ج 7، ص 185 - 187 من طبعة ليدن):
كان الخليفة المعتمد على الله قد استعمل على الموصل اساتكين وهو من أكابر قواد الأتراك فسير إليها ابنه إذكوتكين في جمادى الأولى سنة تسع وخمسين ومائتين، فلما كان يوم النيروز من هذه السنة وهو الثالث عشر من نيسان فغيره المعتضد بالله و دعا إذكوتكين وجوه أهل الموصل إلى قبة في الميدان وأحضر أنواع الملاهي و أكثر الخمر وشرب ظاهرا وتجاهر أصحابه بالفسوق وفعل المنكرات وأساء السيرة في الناس، وكان تلك السنة برد شديد أهلك الأشجار والثمار والحنطة والشعير وطالب الناس بالخراج على الغلات التي هلكت فاشتد ذلك عليهم وكان لا يسمع بفرس جيد عند أحد إلا أخذه وأهل الموصل صابرون إلى أن وثب رجل من أصحابه على امرأة فأخذها في الطريق فامتنعت واستغاثت فقام رجل اسمه إدريس الحميري وهو من أهل القرآن والصلاح فخلصها من يده فعاد الجندي إلى إذكوتكين فشكا من الرجل فأحضره وضربه ضربا شديدا من غير أن يكشف الامر فاجتمع وجوه أهل الموصل إلى الجامع وقالوا: قد صبرنا على أخذ الأموال وشتم الاعراض وإبطال السنن والعسف وقد أفضى الامر إلى أخذ الحريم فأجمع رأيهم إلى إخراجه والشكوى منه إلى الخليفة وبلغه الخبر فركب إليهم في جنده وأخذ معه النفاطين فخرجوا إليه وقاتلوه قتالا شديدا