ولا شك في أن الغذاء يؤثر في الجسم أولا وبالذات، وفي الروح أيضا بتوسط تأثيره في الجسم، وربما يكون أثر السوء كحصول الأخلاق الذميمة والملكات الرذيلة في نفس الولد من لبن ولد الزنا أزيد من لبن الكفار، ولذلك قال عليه السلام إن لبن الكفار الثلاثة أحب إلي من لبن ولد الزنا، فلا ربط لهذه الرواية بمسألة نجاسة بدن ولد الزنا.
وخلاصة الكلام أن هذه الأخبار وغيرها مما وردت في ذم ولد الزنا، يستفاد منها أن المولود الذي يتولد من الزنا فيه اقتضاء الشقاوة والفساد والضلالة والميل إلى الجور والباطل والخروج عن جادة الحق والطريق المستقيم، ولكن لا بحيث يسلب عنه الاختيار كي يكون عقابه ومؤاخذته قبيحا وظلما عليه، بل يرتكب القبائح بسوء اختياره فيعاقب على قبائح أعماله وأفعاله.
فمعنى قوله عليه السلام أنه رجس أو شر أو لا خير فيه أو لا يطهر إلى سبعة آباء أو انه لا يحب أمير المؤمنين عليه السلام وأمثال ذلك من العبارات التي وردت في الازدراء به، هو ما صرح به عليه السلام في مرفوعة سليمان الديلمي بقوله عليه السلام أنت شر الثلاثة أذنب والداك فنشأت عليهما وأنت رجس (1) أي أنت نتيجة فسادهما وعملهما القبيح فورثت الخباثة والتمرد والطغيان من ذلك الطاغي والمتمرد وتلك الطاغية والمتمردة ومعلوم أن من كان جوهر ذاته ناشئة من عمل القبيح يكون فيه اقتضاء جميع الشرور ولكن لا بحد يسلب الاختيار كي يكون عقابه قبيحا كما ذكرنا.
وبما ذكرنا يرتفع الاشكالات المتوهمة بالنسبة إلى ما ورد في حق ولد الزنا من أنه لا يدخل الجنة، وان أطاع ولم يعص أبدا، فيقال بأن هذا ظلم في حق ولد الزنا وأي ذنب أذنب كي يكون مستحقا لمثل هذا الطرد، وعدم شمول حرمة الله له، مع أنه تعالى يقول في كتابه العزيز جزاءا وفاقا (2) وأيضا قوله تعالى جزاء بما كانوا