بيع المكيل موزونا إذ ارتفاع الغرر بالوزن أوضح، ومعرفة المقدار به أدق، وأما ما يقال من أن الوزن يعين وأما ما يقال من أن الوزن يعين المقدار من حيث الثقل والخفة والكيل من حيث الابعاد، فلا يقاس أحدهما بالآخر، فإنه وإن كان صحيحا لكن عمدة النظر في غالب أفراد المبيع: المكيل والموزون عند العرف والعقلاء إلى معرفة مقدارها من حيث الوزن والثقل لا الابعاد.
نعم إذا كان الغرض في مورد يتعلق بالمبيع من حيث حجمه وابعاده دون ثقله ففي ذلك السنخ من المبيع لا يبعد أن يكون المناط في رفع الغرر والجهالة هو الكيل دون الوزن إذا كان مما يكال كما أنه إذا كان الكيل أمارة على الوزن فيرتفع الغرر بالكيل، وإن كان موزونا، فيكفي الكيل في صحة المعاملة.
ويدل على ذلك أيضا رواية عبد الملك بن عمرو: قلت اشتري مأة راوية من زيت فاعترض رواية أو اثنتين فأتزنها ثم آخذ سائره على قدر ذلك؟ قال عليه السلام لا بأس (1) ولكن هذا في الحقيقة يرجع إلى معرفة المقدار بالوزن لا الكيل.
والحاصل أن تعيين المقدار ومعرفته بالوزن يكفي في صحة البيع، وإن لم يكن المبيع مما يوزن، ولذلك ترى أن الحنطة والشعير مع أنهما من المكيل في زمن الشارع إجماعا يجوز بيعهما بالوزن، وفي الجواهر (2) الاجماع أيضا على صحة بيعهما بالوزن.
وقال العلامة في التذكرة إنه لا يجوز بيع الموزون بجنسه جزافا وكذا لا يجوز بيعه مكيلا إلا إذا علم عدم التفاوت فيه، وكذا المكيل لا يجوز بيعه جزافا ولا موزونا إلا مع العلم بعدم التفاوت (3)، وقد عرفت ما هو الحق في المقام.
هذا كله كان من ناحية الغرر