صورة دائرة بين الأولياء في تقديم الابن وابنه على الأب والجد عند مالك ويقدم الأب والجد على الابن وابن الابن وغيرهما من الأولياء، بل لا يكون للابن وابن الابن ولاية عند الشافعي، إلا إذا كان ابن معتق لام عند الشافعي، وتقديم الابن على الجد عند أبي حنيفة. وتقديم الجد على الأخ عنده. وتقديم الجد على بقية الأولياء غير الأب عند أحمد. وتقديم الأخ للأبوين على الأخ للأب عندهم خلافا لأحمد، فإنهما عنده سواء.
فهذه الصور الخلافية جميعها قد تقدم ذكرها في الخلاف في مسائل الباب. فإذا اتفق وقوع شئ منها فليرفع إلى حاكم تكون تلك الصورة عنده صحيحة، فيثبتها ويحكم بموجبها، مع العلم بالخلاف. وكذا لو كان القصد البطلان، فيرفع إلى حاكم يرى ذلك.
فيحكم بالبطلان، مع العلم بالخلاف.
وكذلك يفعل فيما عدا ذلك من الصور المختلف فيها. مثل أن يزوج الولي الابعد، مع وجود الأقرب وقدرته على أن يعقد، وهو من غير تشاح ولا عضل. فإن هذا العقد باطل عند الشافعي وأحمد. ويكون موقوفا عند أبي حنيفة على الإجازة من الولي الأقرب، أو إن كانت الزوجة صغيرة، فإلى أن تبلغ وتجيز. وعند مالك إذا زوج الابعد من غير تشاح حصل من الولي الأقرب، صح العقد.
وأما الكفاءة: فقد تقدم ذكر الخلاف فيها بين العلماء رحمهم الله تعالى، ويترتب عليها صور كثيرة، الحاذق يعرفها ويدرك ما يكون فيها من الصحة والبطلان، ويرفع كل صورة إلى حاكم يرى ما يقصده صاحب الواقعة فيها من الصحة والبطلان.
وكذلك فيما إذا زوجها بعض الأولياء بغير كف ء بإذنها ورضاها. فعند مالك والشافعي وأحمد: لا يبطل النكاح، ولبقية الأولياء الاعتراض. وعند أبي حنيفة يسقط حقهم. فإن كان القصد تصحيحه. فيرفع إلى حاكم حنفي يثبته ويحكم بصحته، مع العلم بالخلاف.
وكذلك إذا زوجت المرأة بدون مهر مثلها، فلا اعتراض للأولياء عليها، إلا عند أبي حنيفة. فإن لهم الاعتراض.
ولنا ثلاث صور:
الأولى: أصدق فلان فلانة بنت عمه أخي أبيه لأبويه فلان ابن فلان صداقا مبلغه كذا. تولى المصدق المذكور الايجاب من نفسه لنفسه بإذنها ورضاها وقبل من نفسه لنفسه عقد هذا التزويج قبولا شرعيا، لعدم ولي أقرب منه، أو مناسب، بحضور من تم العقد بحضورهم شرعا.