وجعله خير نبي أرسله. وعلى جميع الأنبياء والمرسلين فضله. وجعل من سنته: أن أحل النكاح لامته. وشرعه عند الحاجة لواجد أهبته. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أئمة الاسلام وجنده القائمين بسنته، والموفين بعهده. وسلم وعظم وشرف وكرم.
وبعد، فإن النكاح من سنن الأنبياء وشعار الأولياء، ودثار الأتقياء، وزينة الأصفياء. اقتربت به الأباعد، واتصلت به الأنساب اتصال العضد بالساعد. وهو لا تخفى مشروعيته. ولا ينكر بين أهل الاسلام فضيلته.
وكان فلان ممن تحلى من الفضائل بما تحلى، وتجلى له من مسالك السنة الشريفة ما تجلى، وخطب من ذوات الفضل من هي كالشمس بين الكواكب. ورغب فيمن هي غاية الامل للراغب، ومنتهى القصد للخاطب. فهي ذات أصل ثابت، وفرع نابت، وصيانة شاملة، ونعمة كاملة، وذكر جميل، وحسب ظل ظليل. وما هي إلا دوحة أصلها الملوك الكرام، ورئيسة خفقت على رؤوس آبائها العلماء الأعلام. فأجابوا خطبته، ولبوا دعوته. وبادر ولي هذا الامر إليه مجيبا. وقال القلم على منبر الطرس خطيبا. فأسفر له وجه القبول وأشرق. فيا لله ما أصدق قوله: هذا ما أصدق فلان الفلاني مخطوبته فلانة - ويكمل على نحو ما سبق.
وأما صور الأصدقة: فمنها: ما هو جائز عند أبي حنيفة، باطل عند الباقين.
منها: أصدق فلان فلانة صداقا مبلغه كذا - إلى آخره - وقد وكلت الزوجة المذكورة في تزويج نفسها من الزوج المذكور على الصداق المعين أعلاه. وقبل الزوج المذكور منها عقد هذا التزويج. وخاطبها عليه شفاها بمحضر من تم العقد بحضورهم شرعا.
ويندرج الخلاف تحت قوله: بمحضر من تم العقد بحضورهم شرعا فإن مذهب أبي حنيفة: انعقاد العقد بحضور فاسقين وكافرين كتابيين. إذا كان الزوج والزوجة كتابيين.
وصورة أخرى: أصدق فلان فلانة صداقا مبلغه كذا. وولى تزويجها منه بإذنها ورضاها فلان الأجنبي، مع وجود الأولياء أو الحاكم.
فهذا العقد صحيح عنده وحده.
وصورة أخرى: أصدق فلان فلانة صداقا جملته كذا، زوجته منها بإذنها ورضاها فلانة ابنة فلان، تزويجا شرعيا. وقبل الزوج المذكور من الزوجة المذكورة عقد هذا التزويج.