والامر في ذلك محمول على ما يوجبه الشرع الشريف ويقتضيه. ويكمل.
والكتب الحكمية الآن قليلة الاستعمال. وبطل العمل بها. وصار كل من له حق وأثبته عند حاكم من حكام المسلمين، واستحكم فيه، وكل من معه مكتوب شرعي ثابت محكوم فيه في مملكة من الممالك منفذ عند حكام تلك المملكة - إذا أراد نقل ذلك الحكم، أو ذلك التنفيذ - أحضر شهودا إلى عند الحاكم في ذلك المكتوب، أو ذلك المنفذ، الذي نفذ الحكم. وأشهدهم عليه. وأخذ الشهود معه إلى البلد التي يريد إيصال الحكم فيها. فيشهدون على الحاكم الأول بما فيه. فيعلم لهم تحت رسم شهادتهم فيه ويوصله. وهؤلاء يسمون شهود الطريق. واستقر حال الناس على ذلك.
وصورة ما إذا تحاكم رجلان إلى رجل من أهل العلم والمعرفة بالأحكام الشرعية - وشرطه: أن تكون فيه أهلية القضاء - وسألاه الحكم بينهما:
حضر إلى شهوده في يوم تاريخه فلان وفلان. وأشهدا عليهما طوعا، في صحتهما وسلامتهما: أنه جرت بينهما منازعات وخصومات، ودعاوى في كذا وكذا، وأنهما ترافعا إلى فلان الفلاني ورضيا به. وحكماه على أنفسهما، وجعلاه ناظرا بينهما. وفاصلا لخصومتهما، وقاطعا لدعاويهما، وحاسما لمنازعتهما، بعد أن سألاه أن يحكم بينهما.
وأن يلزم كل واحد منهما الواجب له وعليه. وبعد أن عرفا من علمه وثقته ومعرفته بالقضاء ووجوه الأحكام ما جاز لهما معه تحكيمهما إياه. فقبل فلان منهما ذلك. وحكم بينهما بما أوجبه الشرع الشريف، وبت القضاء بما قطع به الخصومة بينهما. وألزم كلا منهما بمقتضى ذلك. فرضيا بما حكم به بعد أن حكم. وأشهدا عليهما بذلك. ويؤرخ.
وصورة كتاب صريح سجل: أما بعد حمد الله، حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين. صلاة دائمة باقية إلى يوم الدين.
فهذا ما شهد به على نفسه الكريمة، سيدنا ومولانا قاضي القضاة فلان الدين: من حضر مجلس حكمه وقضائه، وهو نافذ القضاء والحكم ماضيهما. وذلك في اليوم المبارك - ويكتب القاضي التاريخ بخطه - ثم يقول الكاتب: من سنة كذا وكذا، بجميع ما نسب إليه في هذا السجل المبارك، الذي التمس إنشاؤه منه. وصدر بإذنه الكريم عنه، جامعا لمضامين الكتب الآتي ذكرها، المختصة بسيدنا فلان ابن فلان، مما جميعه بمدينة كذا وظاهرها وعملها شاملا لها، فروعا وأصولا. وناطقا بثبوتها عليه ابتداء واتصالا،