لإقامة دينه واختارها، وأطلع من أنوار أفلاك الهداية شموسها وأقمارها. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه حماة الشريعة وأنصارها، صلاة تتصل بدوام الأبد أعمارها، ونجد بركتها يوم تحدث الأرض أخبارها. وسلم تسليما كثيرا.
وبعد، فإن ملبس العدالة من أصلف الملابس، ودرجتها مما ينافس فيه المتنافس، وهي حلية ذوي النهى، وزينة من ملك نفسه فوقف عند أمره إن أمر ونهيه إن نهى، وأتعبها في مرضاة الله إلى أن هب له ريح القبول. فتلذذ به واستروح، وطهر وعاءه من دنس الشبهات، حتى اتصف بالشرف، وكل إناء بالذي فيه ينضح.
ولما كان فلان ممن نشأ في حجر العفاف. وتحلى بجميل الأوصاف. واشتمل على الخلال الرضية، والخلائق المرضية، والديانة الظاهرة، والمروءة الوافرة. وعرف بالتيقظ في أموره وأحواله، والصدق في أقواله، والتسديد في أفعاله، سالكا شروط العدالة، ماشيا على نهجها الذي وضحت به الدلالة.
وحين عرف ذلك من أمره، ودل وصفه على علو قدره. استخار الله سيدنا ومولانا قاضي القضاة فلان الدين. وأشهد على نفسه الكريمة من حضر مجلس حكمه وقضائه، وهو نافذ القضاء والحكم ماضيهما. وذلك في اليوم المبارك - ويكتب القاضي التاريخ بخطه - ثم يقول الكاتب: سنة كذا وكذا. أنه ثبت عنده وصح لديه - أحسن الله إليه - على الوضع المعتبر الشرعي. والقانون المحرر المرعي، بالبينة العادلة المرضية التي قامت عنده. وقبلها القبول الشرعي: عدالة فلان، المسمى أعلاه، ثبوتا صحيحا شرعيا.
وحكم - أيد الله أحكامه وأدام أيامه - بعدالته وقبول قوله في شهادته، حكما شرعيا.
أجازه وأمضاه، واختاره وارتضاه. وألزم العمل بمقتضاه، مستوفيا شرائطه الشرعية وأذن - أيده الله تعالى - لفلان المسمى أعلاه في تحمل الشهادة وأدائها. وبسط قلمه فيها. وأجراه مجرى أمثاله من العدول المعتبرين، والشهود المبرزين، ونصبه شاهدا عدلا بين المسلمين، يوصل بشهادته ويقطع. ويعطي ويمنع. ووصاه بتقوى الله وطاعته، وخشيته ومراقبته في سره وعلانيته. فليحمد الله على هذه المرتبة العلية، والمنزلة السنية. وليأخذ كتاب هذه العدالة بقوة، وليشكر الله الذي بلغه مرجوه. والله تعالى يعينه على ما فوض إليه من ذلك، ويسلك به من التوفيق والسداد أحسن المسالك. وكتب ذلك بالاذن الكريم العالي - إلى آخره. ويكمل على نحو ما تقدم شرحه.
صورة تفويض نظر في وقف: