واشتهرت ديانته. وحسنت سيرته. وحمدت سريرته. وعرف بالورع والعفاف، واتصف بجميل الأوصاف. وراض نفسه حتى ملكها. وعرف طرق الصواب فسلكها. وافتخرت به المناصب الدينية، افتخار السماء بشمسها، والدوحة بغرسها، والافهام بإدراك حسها، والدولة بأمينها، والشريعة المطهرة بمحمد حامي حوزتها، وناصر دينها.
فلذلك استخار الله سبحانه وتعالى سيدنا ومولانا قاضي القضاة فلان الدين - أدام الله أيامه الزاهرة. وأسبغ نعمه عليه باطنة وظاهرة، وجمع له بين خيري الدنيا والآخرة - وفوض إلى الجناب العالي الفلاني. المشار إليه - أفاض الله نعمه عليه - نيابة الحكم العزيز بالمكان الفلاني، عوضا عمن هو به بمفرده من غير شريك له في ذلك، على جاري عادته ومستقر قاعدته، تفويضا صحيحا شرعيا، تاما معتبرا مرضيا، لما تحققه من نزاهته وخيره، واستحقاقه لذلك دون غيره، ووثوقه بأمانته وديانته. واعتمادا على كفاءته وكفايته، راجيا براءة الذمة بولايته.
فليباشر ما فوض إليه من هذه النيابة، راقيا ذروتها العلية بقدم التمكين. متلقيا رايتها المحمدية باليمين واليمين. عالما أن مقلده - شد الله به عضده. وكبت أعداءه وحسده - قد قلده عقد ولائه اليمين، واعتمد على كفايته في براءة ذمته، وما اعتمد إلا على القوي الأمين، فليرع بسداد أحكامه الرعايا، وليفصل بقوله الفصل الأحكام والقضايا. وليحفظ أموال الغياب والأيتام. وليمعن النظر فيما يرفع إليه من دعاوى الاخصام، ولينظر في الأوقاف المبرورة، وليجريها على مقتضى شرط واقفيها، وليسترفع حسباناتها لمستحقيها من جباتها ومباشريها والمتحدثين فيها. ولينتصب لتنفيذ الأحكام وكشف المظالم، ولينصف المظلوم من الظالم، ولينظر في أمر الشهود بذلك القطر نظر المحاسب فيما جل ودق. ولا يرخص لاحد منهم في العدول عن الحق. وليراجع مستنيبه فيما يشكل عليه. ليكون اعتماده فيما يشير به إليه. والوصايا كثيرة. وهو بحمد الله إمام هدى يهتدي به من ائتم. وفاضل كمل به شرف بيته الكريم وتم. ومثله لا يحتاج إلى تأكيد وصية، لما لديه من مواد الأدب ومزايا الألمعية. وملاك ذلك كله التقوى.
والتمسك بسببها الأقوى، في السر والنجوى، وهو من سلوك نهجها القويم على يقين.
والله ولي المتقين. والله تعالى ينفعنا وإياه بهذه الذكرى التي ألزمته تأهيل الغريب. وأنزلته في جوار سيد وحبيب. والخط العالي - أعلاه الله تعالى - أعلاه حجة بمقتضاه. ويؤرخ.
ويكمل على نحو ما سبق.