وسار في الأنام أحسن سيرة. استخار سيدنا ومولانا قاضي القضاة فلان الدين - إلى آخره - ويكمل على نحو ما تقدم.
توقيع آخر:
الحمد لله اللطيف بعبده، الوفي بوعده، الذي منع ومنح فعزل وولى، وضر ونفع فمر وحلى. نحمده حمدا لا يحصى أمده، ونشكره شكرا لا ينتهي عدده. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة ليوم لقائه أعدها. ومن نعمه الشاملة أعدها. ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، الذي قضى بالحق فعدل في قضائه وما جار. وحماه من البأس وعصمه من الناس وأجار. المنعوت بالتبجيل والتعظيم، الموصوف بالتشريف والتكريم، المأمور بالصلاة والتسليم. الذي سد الذرائع، وشرع لامته من الدين أحسن الشرائع. صلى الله عليه وعلى آله النجوم الطوالع، وأصحابه الممدوحين بالركوع السجود.
فأكرم بكل ساجد منهم وراكع. صلاة دائمة ما ابتسمت الرياض لبكاء الغيوث الهواطل والمزن الهوامع. وما تمايلت الأغصان لغناء المطوقات السواجع. وسلم تسليما كثيرا.
وبعد، فإن منصب الحكم والقضاء، لا ميزان أعدل من ميزانه، ولا ميدان أخطر من الركوب في ميدانه، ولا بحر أصعب من الولوج في مركبه، ولا نصب أبلغ مما شويت القلوب على منصبه، به تستخلص الحقوق الشرعية، وبالقيام به تقوم المصالح المرعية.
والأولى أن يختار له من سارت بسيرته الجميلة الأمثال، ونسخت أقلامه بحسن وشيها حلة الجمال على أحسن منوال. فبدور معاليه طالعة في أوج فلك شمسه، وسطور معانيه ساطعة بسواد مداده في بياض طرسه.
ولما كان فلان هو المعنى بهذه العبارة، والمشار إليه بهذه الإشارة. فلذلك استخار الله الذي ما خاب من استخاره، ولا ندم من استجاره. سيدنا ومولانا قاضي القضاة فلان الدين. وفوض إلى الجناب المشار إليه الحكم والقضاء بمدينة كذا وأعمالها، تفويضا صحيحا شرعيا. وولاه ولاية تامة، ركونا إلى ديانته المشكورة، ووثوقا بأمانته المشهورة، واعتمادا على أوصافه الحميدة التي هي غير محصورة. فليباشر ذلك مجتهدا في مصالح الرعايا، معتمدا على ما يعلم من حكم الله في العدل الذي هو رابطة الأحكام، وزبدة القضايا. ولينظم أمر وظائف الشريعة المطهرة في أحسن السلوك ويفرق في الحق بين الغني والفقير والمالك والمملوك. ليحتط كل الاحتياط في أمر اليتامى، ولا يولى عليهم إلا من يراقب الله في أموالهم، ويخشى الله في معاملاتهم. فكفى ما بهم من سوء حالهم،