الحمد لله الذي جعل شمس الشريعة المطهرة في سماء السمو مشرقة الأنوار، وأقر العيون بما اختصت به من دوام الرفعة وحسن الاستقرار. واختار لتنفيذ الأحكام الشرعية من دلت محاسن أوصافه على أنه من المصطفين الأخيار. ومن يستوجب بوفور الألمعية الرتب العلية على الدوام والاستمرار، وأن يبلغ بمآثره الجليلة من الاقبال غاية الايثار.
ومن تدل سيماه في وجهه من أثر السجود على أنه من المستغفرين بالاسحار. نحمده حمدا خصصنا به في مواطن كثيرة بالانتصار والاستظهار. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة نقوم فيها بما يجب من الاعتراف والاقرار. ونرجو بالاخلاص في أدائها الخلود في دار القرار. ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، المبعوث إلى أهل الآفاق والأقطار، والمشرفة بنصره طوائف المهاجرين والأنصار. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين بلغوا عنه ما جاء به من ربه بصحيح الاخبار والآثار. صلاة دائمة باقية ما تعاقب الليل والنهار. وسلم تسليما كثيرا.
وبعد، فإن أولى من تأكدت أسباب تقديمه. وأحكمت موجبات تحكيمه ونفذت فتاويه وأقضيته في الرعايا. وعول على عرفانه في فصل القضايا: من اشتهرت مآثره في البلاد، وجربت أحكامه فلم يخرج عن مناهج السداد، واختبرت تصرفاته فدلت على دينه المتين، وفضله المبين. وكان فلان هو الجدير بهذه المعاني، والحقيق بنشر المحامد وبث الثناء المتوالي، أحواله في مباشرة الحكم العزيز جارية على ما يرضي الله ورسوله (ص)، وصدره الرحب محتو على خزائن العلوم. فلهذا تلقى إليه مقاليدها وتسلم، وهو في الله شديد البأس قوي العزائم. فإذا ظهر له الحق عمل به ولا تأخذه في الله لومة لائم. ولم يلف في أفعاله ما ينتقد بل ينتقى، ولا يسند إليه من الافعال إلا ما يوجب الخلود في دار البقاء.
فلذلك استخار الله سيدنا ومولانا قاضي القضاة فلان الدين - أسبغ الله ظلاله. وختم بالصالحات أعماله - وفوض إلى الجناب المشار إليه نيابة الحكم العزيز بالمملكة الفلانية وأعمالها، على أجمل العوائد وأكمل القواعد، تفويضا صحيحا شرعيا، تاما معتبرا مرضيا.
فليتلق هذا التفويض المبارك بأتم اجتهاد وأسد اعتماد. وليباشر ذلك مجردا في تأييد الشرع الشريف عزمه، متحليا بخشية الله فخشية الله رأس كل حكمة، محترزا أن يداخل شيئا من أحكامه ما يوجب نقض، مظهرا خفايا الحقوق إذا جاءه خصمان بغي