واستباحة الأموال، وهتك الحرمات. فتجب طاعته حينئذ على كل حال.
وأما الاجماع: فإن الخلفاء الراشدين حكموا بين الناس. وبعث أبو بكر أنس بن مالك إلى البحرين ليقضي بين الناس. وبعث عمر أبا موسى الأشعري إلى البصرة قاضيا.
وبعث عبد الله بن مسعود إلى الكوفة قاضيا.
وأما القياس: فلان الظلم من شيم النفوس، وطبع العالم. ولهذا قال الشاعر:
والظلم من شيم النفوس، فإن تجدذا عفة فلعلة لا يظلم وقد وردت أخبار تدل على ذم القضاء، وأخبار تدل على مدحه. فأما التي تدل على ذمه: فما روي أن النبي (ص) قال: من استقضي فكأنما ذبح بغير سكين قيل لا بن عباس: وما الذبح؟ قال: نار جهنم وروت عائشة رضي الله عنها: أن النبي (ص) قال:
يؤتى يوم القيامة بالقاضي العادل، فيلقى من شدة الحساب ما يود أنه لم يكن قضى بين اثنين في تمرة واحدة وقال النبي (ص) لأبي ذر: إني أحب لك ما أحب لنفسي. فلا تأمرن على اثنين، ولا تتول مال يتيم.
ولان القضاء محنة وبلية. فمن دخل فيه فقد عرض نفسه للهلاك، لعسر التخلص منه، لقوله (ص): من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين وقال: إنكم ستختصمون على الامارة وستكون حسرة وندامة.
وقال عمر رضي الله عنه: وددت أن أنجو من هذا الامر كفافا لا علي ولا لي.
وأما الاخبار التي تدل على مدحه: فما روي أن النبي (ص) قال: إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران. وإن أخطأ فله أجر.