وهم أشد كفرا ونفاقا منهم، وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله. وهم أبعد من كل خير. وأقرب من كل شر. وانتماؤهم إلى أبي محمد الدرزي. وكان من أهل موالاة الحاكم أبي علي المنصور بن العزيز خليفة مصر. وكانوا أولا من الإسماعيلية، ثم خرجوا عن كل ما تمحلوه، وهدموا كل ما أثلوه. وهم يقولون برجعة الحاكم، وأن الألوهية انتهت إليه، وتديرت ناسوته، وهو يغيب ويظهر بهيئته، ويقتل أعداءه قتل إبادة، لا معاد بعده. وهم ينكرون المعاد من حيث هو ويقولون نحو قول الطبائعية: إن الطبائع هي المولدة، والموت بفناء الحرارة الغريزية، كانطفاء السراج بفناء الزيت إلا من اعتبط.
ويقولون: دهر دائم، وعالم قائم، أرحام تدفع، وأرض تبلع.
وهذه الطائفة هم الذين زادوا في البسملة أيام الحاكم، وكتبوا بسم الحاكم الله الرحمن الرحيم. فلما أنكر عليهم كتبوا بسم الله الحاكم الرحمن الرحيم. فجعلوا في الأول الله صفة الحاكم وجعلوا في الثاني العكس.
ومن هؤلاء أهل كسروان، وكان الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله تعالى يرى أن قتالهم وقتال النصيرية أولى من قتال الأرمن، لأنهم أعداء في دار الاسلام وشر بقائهم أضر.
وصورة يمين هؤلاء: إنني والله وحق الحق الحاكم، وما أعتقده من موالاته، وما أعتقده أبو عبد الله الدرزي الحجة الواضحة، ورآه الدرزي مثل الشمس اللائحة. وإلا قلت: إن مولاي الحاكم مات وبلى، وتفرقت أوصاله وفنى. واعتقدت تبديل الأرض والسماء وعود الرمم بعد الفناء. وتبعت كل جاهل، وحظرت على نفسي ما أبيح لي وعملت بيدي ما فيه فساد بدني، وكفرت بالبيعة المأخوذة وجعلتها وراء ظهري منبوذة.
وأما الخوارج: فهم الفرقة المباينة للسنة والشيعة. وهم الذين أنكروا التحكيم وقالوا: لا حكم إلا لله كفروا بالذنب، وكفروا عليا ومعاوية وسائر من خالفهم ممن لا يرى رأيهم. وهم طوائف كثيرة. ومنهم ألوهية ببلاد الغرب.
وصورة يمين هؤلاء: صورة يمين أهل السنة. ويزاد فيها: وإلا أجزت التحكيم.
وصوبت قول الفريقين في صفين، وأطعت بالرضى حكم أهل الجور. وقلت في كتاب الله بالتأويل، وأدخلت في الدين ما ليس فيه. وقلت: إن إمارة بني أمية عدل وأن قضاءهم حق، وأن عمرو بن العاص أصاب، وأن أبا موسى ما أخطأ، واستبحت الأموال والفروج بغير حق، واجترحت الكبائر والصغائر، ولقيت الله مثقلا بالأوزار. وقلت: إن ما فعله