أسمع من كلامه. فمن قضيت له بشئ من حق أخيه فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار وقال رسول الله (ص) لمعاذ بن جبل - حين بعثه إلى اليمن - كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله. قال: فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال:
فبسنة رسول الله (ص). قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله (ص)؟ قال: أجتهد رأيي، ولا آلو. قال: فضرب النبي (ص) في صدره. وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله (ص) لما يرضى رسول الله (ص).
والقضاء: فرض كفاية. فإن قام به من يصلح، سقط الفرض عن الباقين، وإن امتنع الجميع أثموا. والصحيح: أن الامام يجبر أحدهم.
وشرط القاضي: إسلام وتكليف، وحرية، وذكورة، وعدالة، وسمع، وبصر - على الصحيح - ونطق وكفاية، واجتهاد. وهو أن يعرف من القرآن والسنة ما يتعلق بالأحكام، والخاص والعام، والمطلق والمقيد، والمجمل والناسخ والمنسوخ، ومتواتر السنة والآحاد، والمرسل والمتصل، وحال الرواة جرحا وتعديلا. ولسان العرب لغة ونحوا، وأقوال العلماء من الصحابة فمن بعدهم إجماعا واختلافا. والقياس وأنواعه، وأن يكون عارفا بأصول الاعتقاد. ولا يشترط الكتابة في الأصح، ولا التبحر في هذه العلوم، ولا حفظ القرآن. وفيه نزاع.
فإن تعذرت هذه الشروط، فولى سلطان له شوكة فاسقا نفذ قضاؤه للضرورة.
ويندب للامام أن يأذن للقاضي في الاستخلاف. فإن نهاه لم يستخلف. فإن كان ما فوضه إليه لا يمكنه القيام به. فقيل: هذا النهي كالعدم. وشرط المستخلف كالقاضي، إلا أن يستخلفه في أمر خاص. فيكفي علمه بما يتعلق به.
ويجوز للامام أن يولي قاضيا في البلد الذي هو فيه. لما روي أن رجلين اختصما إلى النبي (ص). فقال النبي (ص) لعمرو بن العاص: اقض بينهما. فقال: أقضي بينهما