شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ٣٥٠
فيما ينفعه فيها وفي الدنيا لأنه يطلبها شديدا والغنى من لا يحتاج إلى الطلب ولأن مطلوبه كثيرا ما يفوت عنه والفقر عبارة عن فوات المطلوب وأيضا يبخل عن نفسه وعياله خوفا من فوات الدنيا وهو فقر حاضر.
(وشتت أمره) في الآخرة لكنه فائت المقصود فيها وفي الدنيا لتفرق قلبه في طرق تحصيلها لعدم عمله بما هو المقدر منها.
(ولم ينل من الدنيا إلا ما قسم له) قال الله تعالى: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا) وما جعله الحكيم قسما لكل واحد وهو ما يأكله ويحتاج إليه ما دام العمر يأتيه قطعا وإن لم يبالغ في تحصيله ورفض الكد في طلب الدنيا، وأما ما يجمعه ويتركه فليس قسما له بل لغيره وهو حمال الحطب.
(ومن أصبح وأمسى والآخرة أكبر همه جعل الله الغنى في قلبه) فيصرف قلبه إلى الله معرضا عما عداه ويعطف فكره إلى إحسانه غافلا عما سواه ويثق بوصول رزقه معتمدا على وعد مولاه ولا يحتاج في شيء من أموره إلى الأنام ولا يطلب قضاء حوائجه من الخواص والعوام والغنى عبارة عن هذه الأمور.
(وجمع له امره) في الآخرة لكونه عاملا لها وفي الدنيا لتفرغ خاطره عنها فضلا عما فيها مما يغتر به المفتونون بها، وبالجملة تفرق القلب في الدنيا وتزلزله انما هو لطلب الرزق وعدم العلم بموضعه والله سبحانه رفع عنه ذلك التفرق والتزلزل وأمر الدنيا بخدمته فيأتيه رزقه من حيث لا يحتسب بل زائد عليه كما قيل: اترك الدنيا كلها وخذها كلها فإن تركها في أخذها وأخذها في تركها.
16 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن سنان، عن حفص بن قرط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من كثر اشتباكه بالدنيا كان أشد لحسرته عند فراقها.
* الشرح:
قوله (من كثر اشتباكه بالدنيا كان أشد لحسرته عند فراقها) اشتباك «بهم در رفتن» يقال اشتبكت النجوم إذا كثرت وانضمت وكل متداخلين مشتبكان ومنه تشبيك الأصابع لدخول بعضها في بعض، وفيه ترغيب في رفض الدنيا وترك محبتها لئلا يشتد الحزن والحسرة في مفارقتها فإن من أحب شيئا تحزن وتحسر من مفارقته وكلما زاد المحبوب زاد الحزن والحسرة كما أشار إليه أيضا أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: «وكلما عظم قدر الشيء المتنافس فيه عظمت الرزية لفقده» وذلك لشدة المحبة ومن ثم قيل: ومن أكبر المصالح ترك محبوب لابد من مفارقته تركا باستدراج النفس واستغفالها كي لا يفدحه مفارقته دفعة مع تمكن محبته من جوهرها فيبقى كما نقل من معشوقه إلى
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430