المعنى لا يوجد في هبة الوالد لولده لان الولد لا يستحى عن المضايقة في الثمن لاستيفاء الثمن لمباسطة بينهما عادة فلم يكره الشراء حملناه على هذا توفيقا بين الدليلين صيانة لهما عن التناقض ولو وهب لذي رحم محرم فله أن يرجع لقصور معنى الصلة في هذه القرابة فلا يكون في معنى العوض وكذا إذا وهب لذي محرم لا رحم له لانعدام معنى الصلة أصلا ولو وهب لعبد ذي رحم ومولاه أجنبيا (فاما) إن كان المولى ذا رحم محرم من الواهب والعبد أجنبيا (واما) إن كان المولى والعبد جميعا ذوي رحم من الواهب فإن كان العبد ذا رحم محرم من الواهب والمولى أجنبيا فله أن يرجع بلا خف بين أصحابنا لان حكم العقد يقع للمولى وإنما الواقع للعبد صورة العقد بلا حكم وانه لا يفيد معنى العلة فانعدم معنى العوض أصلا وإن كان المولى ذا رحم محرم من الواهب والعبد أجنبيا اختلفوا فيه قال أبو حنيفة رضي الله عنه يرجع وقال أبو يوسف ومحمد رحمها الله لا يرجع (وجه) قولهما أن بطلان حق الرجوع بحصول الصلة لأنها في معنى العوض على ما بينا ومعنى الصلة إنما يتحقق لوقوع الحكم للقريب والحكم وقع للمولى فصار كأن الواهب أوجب الهبة له ابتداء وانه يمنع الرجوع كذا هذا (وجه) قول أبي حنيفة رحمه الله أن الملك لم يثبت للمولى بالهبة لأنها وقعت للعبد ألا ترى أن القبض إليه لا إلى المولى وإنما ثبت ضرورة تعدد الاثبات للعبد فأقيم مقامه وإذا ثبت الملك له بالهبة لم يحصل معنى الصلة بالعقد فلا يمنع الرجوع مع ما أن الملك يثبت له بالهبة لكن الهبة وقعت للمولى من وجه وللعبد من وجه لان الايجاب أضيف إلى العبد الملك وقع للمولى إذا لم يكن دين فلم يتكامل معنى الصلة في الهبة فصارت كالهبة لذي رحم محرم فإن كانا جميعا ذا رحم محرم من الواهب فقد ذكر الكرخي عن محمدان قياس قول أبي حنيفة أن يرجع لان قرابة العبد لا تؤثر في اسقاط الرجوع لان الملك لم يقع له وقرابة المولى أيضا لا تؤثر فيه لان الايجاب لم يقع له وحق الرجوع هو الأصل في الهبة والامتناع معارض المسقط ولم يوجد فلا يسقط وذكر الفقيه أبو جعفر الهند وانى انه ليس له أن يرجع في هذه المسألة في قولهم لان الهبة اما أن يعتبر فيها حال العبد أو حال المولى وأيهما كان فرحمة كاملة والصلة الكاملة تمنع الرجوع والجواب انه لا يعتبر ههنا حال العبد وحده ولا حال المولى وحده بل يعتبر حالهما جميعا واعتبار حالهما لا يمنع الرجوع والله عز وجل أعلم وعلى هذا التفريع إذا وهب لمكاتب شيئا وهو ذو رحم محرم من الواهب أو مولاه ذو رحم محرم من الواهب انه ان أدى المكاتب فعتق يعتبر حاله في القرابة وعدمها إن كان أجنبيا يرجع وإن كان قريبا لا يرجع لأنه لما أدى فعتق استقر ملكه فصار كأنه الهبة وقعت له وهو حر ولو كان كذلك يرجع إن كان أجنبيا وان ان قريبا لا يرجع كذا هذا وان عجز ورد في الرق فقياس قول أبي حنيفة رحمه الله انه يعتبر حال المولى في القرابة وعدمها إن كان أجنبيا فللواهب أن يرجع وإن كان قريبا فليس له أن يرجع بناء على أن الهبة عنده أو جبت ملكا موقوفا على المكاتب وعلى مولاه على معنى انه ان أدى فعتق تبين ان الملك وقع له من حين وجوده وان عجز ورد في الرق يظهر انه وقع للمولى من وقت وجوده كأن الهبة وقعت له من الابتداء وعلى قول محمد لا يرجع في الأحوال كلها لان عنده كسب المكاتب يكون للمكاتب من غير توقف ثم ينتقل إلى المولى بالعجز كأنه وهب لحي فمات وانتقل الموهوب إلى ورثته الثاني الزوجية فلا يرجع كل وحد من الزوجين فيما وهبه لصاحبه لان صلة الزوجية تجرى مجرى صلة القرابة الكاملة بدليل انه يتعلق بها التوارث في جميع الأحوال فلا يد خلها حجب الحرمان والقرابة الكاملة مانعة من الرجوع فكذا ما يجرى مجراها الثالث التوارث فلا رجوع في الهبة من الفقير بعد قبضها لان الهبة من الفقير صدقة لأنه يطلب بها الثواب كالصدقة ولا رجوع في الصدقة على الفقير بعد قبضها لحصول الثواب الذي هو في معنى العوض بوعد الله تعالى وان لم يكن عوضا في الحقيقة إذا العبد لا يستحق على مولاه عوضا ولو تصدق على غنى فالقياس أن يكون له حق الرجوع لان التصدق على الغنى يطلب منه العوض عادة فكان هبة في الحقيقة فيوجب الرجوع الا انهم استحسنوا وقالوا ليس له ان يرجع لان الثواب قد يطلب بالصدقة على الأغنياء ألا ترى أن من له نصاب تجب فيه الزكاة وله عيال لا يكفيه ما في
(١٣٣)