اتلفا على الزوج المنفعة لا عين المال وعلى هذا لو ادعى رجل أنه استأجر هذه الدابة من فلان بعشرة دراهم وأجر مثلها مائة درهم والمؤجر ينكر فشهد شاهدان وقضى القاضي ثم رجعا لا يضمنان للمؤجر شيئا لأنهما بشهادتهما اتلفا المنفعة لا عين المال (ومنها) أن يكون اتلاف المال بغير عوض فإن كان بعوض لا يجب الضمان سواء كان العوض عين مال أو منفعة لها حكم عين المال لان الا تلاف بعوض يكون اتلافا صورة لا معنى وعلى هذا يخرج ما إذا ادعى رجل على رجل أنه باع عبده منه بألف درهم والمشترى ينكر فشهد شاهدان بذلك وقضى القاضي ثم رجعا انه ينظر إن كانت قيمة العبد ألفا أو أكثر فلا ضمان عليهما للمشترى لان شهادتهما وقعت اتلافا بعوض فلا يكون اتلافا معنى فلا يوجب الضمان وإن كانت قيمته أقل من ألف يضمنان الزيادة له لوقوع الشهادة اتلافا بقدر الزيادة ولو كانت الدعوى من المشترى والمسألة بحالها إن كانت قيمته مثل الثمن المذكور أو أقل لا ضمان على الشاهدين للبائع لما قلنا وإن كانت قيمته أكثر من ألف يضمنان الزيادة للبائع لان شهادتهما وقعت اتلافا بغير الزيادة وعلى هذا يخرج ما إذا ادعت امرأة على رجل أنه تزوجها على ألف درهم والرجل ينكر فشهد لها شاهدان بذلك وقضى القاضي بالنكاح بألف ثم رجعا أنه ينظر إن كان مهر مثلها ألفا أو أكثر من ذلك لم يضمنا للزوج شيئا وان اتلفا عليه عين المال لأنهما أتلفاها بعوض له حكم عين المال وهو البضع لأنه يعتبر مالا حال دخوله في ملك الزوج بدليل أن الأب يملك أن يزوج من ابنه امرأة ولو لم يعتبر البضع مالا حال دخوله في ملك الزوج لما ملك لان الأب لا يملك على ابنه معاوضة مال بما ليس بمال وكذلك المريض إذا تزوج امرأة على ألف درهم وذلك مهر مثلها لا يعتر من الثلث بل من جميع المال ولو لم يكن البضع في حكم المال في حال الدخول في ملك الزوج لاعتبر من الثلث كالتبرع دل ان البضع يعتبر مالا في حق الزوج حال دخوله في ملكه فكان الاتلاف بعوض هو في حكم عين المال فلا يكون اتلافا معنى وإن كان مهر مثلها أقل من ألف درهم يضمنان الزيادة على مهر المثل للزوج لأنهما أتلفا الزيادة عليه من غير عوض أصلا وهذا بخلاف ما إذا ادعى رجل على امرأة انه طلقها بألف درهم والمرأة تنكر فشهد شاهدان بذلك وقضى القاضي عليها بألف درهم ثم رجعا انهما يضمنان للمرأة ألف درهم لأنهما أتلفا عليها عين المال بغير عوض أصلا لان البضع حال خروجه عن ملك الزوج لا يعتبر ما لا بدليل أن الأب لا يملك أن يخلع من ابنته الصغيرة على مال ولو فعل وأدى من مالها يضمن ولو كان مالا لملك لأنه يملك عليها معاوضة مال بمال وكذلك المريضة إذا اختلعت من نفسها حال مرضها على مال يعتبر من الثلث كالوصية ولو كان له حكم المال لاعتبر من جميع المال كما في سائر معاوضات المال بالمال وإذا لم يكن له حكم المال حال الخروج عن ملك الزوج حصلت شهادتهما اتلافا عليهما من عوض أصلا فيجب الضمان وعلى هذا يخرج ماذا ادعى رجل أنه آجر داره من فلان شهرا بعشرة دراهم والمستأجر ينكر فشهد شاهدان بذلك وقضى القاضي ثم رجعا فاما إن كان في أول المدة ينظر إن كان أجرة الدار مثل المسمى لا ضمان عليهما للمستأجر ولو أتلفا عليه عين مال لكن بعوض له حكم عين المال وهو المنفعة لان المنفعة في باب الإجارة لها حكم عين المال وإن كانت أجرة مثلها أقل من المسمى فإنهما يضمنان الزيادة لان التلف بقدر الزيادة حصل بغير عوض أصلا وإن كانت الدعوى بعد مضى مدة الإجارة فعليهما ضمان الأجرة لأنهما أتلفا عليه من غير عوض أصلا فكان مضمونا عليهما وعلى هذا يخرج ما إذا شهد شاهدان على القاتل أنه صالح ولى القتيل على مال والقاتل ينكر فقضى القاضي بذلك ثم رجعا انهما لا يضمنان شيئا للقاتل لأنهما أتلفا عليه عين مال بعوض وهو النفس لان النفس تصلح أن تكون عوضا بدليل أن المريض وجب عليه القصاص فصالح الولي على الدية جاز ولا تعتبر من الثلث بل من جميع المال ولو لم تصلح النفس عوضا لاعتبر من الثلث دل ان هذا اتلاف بعوض فلا يوجب الضمان؟ الا إذا شهدا على الصلح بأكثر من الدية فيضمنان الزيادة على الدية للقاتل لان تلف الزيادة حصل بغير عوض ويمكن تخرج هذه المسائل على فصل التسبب لان ما قابله عوض لا يكون اتلافا معنى فلم يوجد سبب وجوب الضمان فلا يجب فافهم ذلك ويستوى في وجوب الضمان الرجوع
(٢٨٦)