بدار الحرب بعد ردته فباع واشترى هناك ثم رجع مسلما فجميع ما اشترى وباع في دار الحرب يكون له ولا ضمان عليه في شئ من ذلك لأنه لما لحق بدار الحرب صار كالحربي إذا استولى على مال انسان ولحق بدار الحرب انه يملكه فكذا المرتد وأما ارتداد المرأة وعدم ارتداد ها سواء في قولهم جميعا سواء كان المال لها أو كانت مضاربة لان ردتها لا تؤثر في ملكها الا ان تموت فتبطل المضاربة كما لو ماتت قبل الردة أو لحقت بدار الحرب وحكم بلحاقها لما ذكرنا ان ذلك بمنزلة الموت وتبطل بهلاك مال المضاربة في يد المضارب قبل إن يشترى به شيئا في قول أصحابنا لأنه تعين لعقد المضاربة بالقبض فيبطل العقد بهلاكه كالوديعة وكذلك لو استهلكه المضارب أو أنفقه أو دفعه إلى غيره فاستهلكه لما قلنا حتى لا يملك ان يشترى به شيئا للمضاربة فان أخذ مثله من الذي استهلكه كان له ان يشترى به على المضاربة كذا روى الحسن عن أبي حنيفة لأنه أخذ عوض رأس المال فكان أخذ عوضه بمنزلة اخذ ثمن فيكون على المضاربة وروى ابن رستم عن محمد انه لو أقرضها المضارب رجلا فان رجع إليه الدراهم بعينها رجعت على المضاربة لأنه وان تعدى يضمن لكن زال التعدي فيزول الضمان المتعلق به وان أخذ مثلها لم يرجع في المضاربة لان المضان قد استقر بهلاك العين وحكم المضاربة مع الضمان لا يجتمعان ولهذا يخالف ما رواه الحسن ين زياد عن أبي حنيفة في الاستهلاك هذا إذا هلك مال المضاربة قبل إن يشترى المضارب شيئا فان هلك بعد الشراء بأن كان مال المضاربة ألفا فاشترى بها جارية ولم ينقد الثمن البائع حتى هلكت الألف فقد قال أصحابنا الجارية على المضاربة ويرجع على رب المال بالألف فيسلمها إلى البائع وكذلك ان هلكت الثانية التي قبض يرجع بمثلها على رب المال وكذلك سبيل الثالثة والرابعة وما بعد ذلك ابدا حتى يسلم إلى البائع ويكون ما دفعه أولا رب المال وما غرم كله من رأس المال وإنما كان كذلك لان المضارب متصرف لرب المال فيرجع بما لحقه من الضمان بتصرفه له كالوكيل غير أن الفرق بين الوكيل والمضارب أو الوكيل إذا هلك الثمن في يده فرجع بمثله إلى الموكل ثم هلك الثاني لم يرجع على الموكل والمضارب يرجع في كل مرة ووجه الفرق ان الوكالة فقد انتهت بشراء الوكيل لان المقصود من الوكالة بالشراء استفادة ملك المبيع لا الربح فإذا اشترى فقد حصل المقصود فانتهى عقد الوكالة بانتهائه ووجب على الوكيل الثمن للبائع فإذا هلك في يده قبل إن ينقده البائع وجب للوكيل على الموكل مثل ما وجب للبائع عليه فإذا قبضه مرة فقد استوفى حقه فلا يجب له عليه شئ آخر فاما المضاربة فإنها لا تنتهى بالشراء لان المقصود منها الربح ولا يحصل الا بالبيع والشراء مرة بعد أخرى فإذا بقي العقد فكان له ان يرجع ثبانا وثالثا ما غرم رب المال مع الأول يصير كله رأس المال لأنه غرم لرب المال بسبب المضاربة فيكون كله من مال المضاربة ولان المقصود من هذا العقد هو الربح فلو لم يصر ما غرم رب المال من رأس المال ويهلك مجانا يتضرر به رب المال لأنه يخسر ويربح المضارب وهذا لا يجوز ولو قبض المضارب الألف الأولى فتصرف فيها حتى صارت ألفين ثم اشترى بها جارية قيمتها ألفان فهلكت الألفان قبل إن ينقد ها البائع فإنه يرجع على رب المال بألف وخمسمائة ويغرم المضارب من ماله خمسمائة وهي حصته من الربح فيكون ربع الجارية للمضارب خاصة وثلاثة أو باعها على المضاربة ورأس المال في هذه الثلاثة الا رباع ألفان وخمسمائة وإنما كان كذلك لأنه لما اشترى الجارية بألفين فقد اشتراها أرباعا ربعها للمضارب وثلاثة أرباعها لرب المال لأنه اشتراها بعدما ظهر ملك المضارب في الربح لأنه اشتراها بألفين ورأس المال ألف فحصة رب المال من الربح خمسمائة وحصة المضارب خمسمائة فما اشتراه لرب المال رجع عليه وما اشتراه لنفسه فضمانه عليه وإنما خرج ربع الجارية من المضاربة لان القاضي لما ألزمه ضمان حصته من الربح فقد عينه ولا يتعين الا بالقيمة فخرج الربح من المضاربة وبقى الباقي على ما كان عليه وقد لزم رب المال ألف وخمسمائة بسبب المضاربة فصار ذلك زيادة في رأس المال فصار رأس المال ألفين وخمسمائة فان بيعت هذا الجارية بأربعة آلاف منها للمضارب ألف لان ذلك حصته من الربح فكان ملكه وبقى ثلاثة آلاف على المضاربة لرب المال منها ألفان وخمسمائة رأس ماله يبقى ربح خمسمائة
(١١٣)