وقوله: انهن لا يرثن بالبنوة أكثر من الثلثين، فإنما يمتنع ذلك من جهة الفرض، فأما في التعصيب فلا يمتنع، كما لو ترك ابنا وعشر بنات فإن للابن السدس وللبنات خمسة أسداس وهو أكثر من الثلثين وأما. ابن ابن الابن وإن سفل فإنه يعصب من يحاذيه من أخواته وبنات عمه، سواء بقي لهن من فرض البنات شئ أو لم يبق كما يعصب ابن الابن من يحاذيه. وأما من فوقه من العمات فينظر فيه فإن كان لهن من فرض البنات من الثلثين أو السدس شئ أخذ الباقي ولم يعصبهن لأنهن يرثن بالفرض، ومن ورث بالفرض بقرابة لم يرث بالتعصيب بتلك القرابة، وان لم يكن لهن من فرض البنات شئ عصبهن، لما روى عن زيد ابن ثابت رضي الله عنه أنه قال: إذا استكمل البنات الثلثين فليس لبنات الابن شئ إلا أن يلحق بهن ذكر فيرد عليهن بقية المال إذا كان أسفل منهن رد على من فوقه للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن كن أسفل منه فليس لهن شئ وبقية المال له دونهن ولأنه لا يجوز أن يرث بالبنوة مع البعد، ولا يرث عماته مع القرب، ولا يعصب من هو أنزل منه من بنات أخيه، بل يكون الباقي له لما ذكرناه من قول زيد بن ثابت، فان كن أسفل منه فليس لهن شئ وبقية المال له دونهن، ولأنه عصبة فلا يرث معه من هو دونه كالابن مع بنت الابن. وأما الأخ فإنه يعصب أخواته، لقوله تعالى (وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين.
(فصل) ولا يشارك أحد من العصبات أهل الفروض في فروضهم الا ولد الأب والام فإنهم يشاركون ولد الام في ثلثهم في المشتركة، وهي زوج وأم أو جدة واثنان من ولد الام وولد الأب والام، واحدا كان أو أكثر، فيفرض للزوج النصف وللأم أو الجدة السدس ولولد الام الثلث يشاركهم ولد الأب والام في الثلث، لأنهم يشاركونهم في الرحم الذي ورثوا بها الفرض، فلا يجوز أن يرث ولد الام ويسقط ولد الأب والام كالأب لما شارك الام في الرحم بالولادة لم يجز أن ترث الام ويسقط الأب، وتعرف هذه المسألة بالمشركة لما فيها من التشريك بين ولد الأب والام وولد الام في الفرض وتعرف بالحمارية، فإنه يحكى فيها عن ولد الأب والام أنهم قالوا: احسب أن أبانا كان حمارا أليس أمنا وأمهم واحدة.