يضربها ويهجرها عند خوف النشوز. وهذه الآية على ظاهرها إذا نشزت لأنها معصية يحل بها هجرانها وضربها كما لو تكرر منها النشوز.
إذا ثبت هذا فالموعظة أن يقول لها: ما الذي منعك عما كنت آلفه من برك وما الذي غيرك، اتقى الله وارجعي إلى طاعتي، فإن حقي واجب عليك، ونحو ذلك من عبارات الوعظ، وتذكيرها بما يعده الله للآثمين والآثمات من حساب يوم تتساوى الاقدام في القيام لله، ويعلم كل امرئ ما قدمت يداه.
والهجران هو أن لا يضاجعها في فراش واحد لقوله تعالى (واهجروهن في المضاجع) ولا يهجر بالكلام، فإن فعل لم يزد على ثلاثة أيام، فإن زاد عليها أثم، لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يهجر الرجل أخاه فوق ثلاثة أيام.
وأما الضرب فقال الشافعي: لا يضربها ضربا مبرحا لا مدميا ولا مدمنا ويتقى الوجه. فالمبرح الفادح الذي يخشى تلف النفس منه أو تلف عضو أو تشويهه، والمدمى الذي يجرح فيخرج الدم، والمدمن أن يوالي الضرب على موضع واحد. لان القصد منه التأديب. ويتوقى الوجه لأنه موضع المحاسن ويتوقى المواضع المخوفة.
قال الشافعي: ولا يبلغ به حدا. ومن أصحابنا من قال: لا يبلغ به الأربعين لأنه حد الخمر، ومنهم من قال لا يبلغ به العشرين لأنه حد العبد، لأنه تعزير، وليس للرجل أن يضرب زوجته على غير النشوز بقذفها له أو لغيره، لان ذلك إلى الحاكم، والفرق بينهما أن النشوز لا يمكن إقامة البينة عليه، بخلاف سائر جناياتها.
إذا ثبت هذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تضربوا إماء الله) وروى عن عمر رضي الله عنه أنه قال (كنا معشر قريش لا يغلب نساؤنا رجالنا، فقدمنا المدينة فوجدنا نساءهم يغلبن رجالهم، فحاط نساؤنا نساءهم فزئرن على أزواجهن فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وقلت ذئر النساء على أزواجهن، فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بضربهن. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أطاف آل محمد سبعون امرأة كلهن تشتكين أزواجهن وما تجدون أولئك بخياركم)