من غير أهلهما، ويجب أن يكونا ذكرين عدلين لأنهما في أحد القولين حاكمان وفى الآخر وكيلان، إلا أن يحتاج فيه إلى الرأي والنظر في الجمع والتفريق، ولا يكمل لذلك إلا ذكران عدلان، فإن قلنا: إنهما حاكمان لم يجز أن يكونا إلا فقيهين، وإن قلنا: إنهما وكيلان جاز أن يكونا من العامة، وان غاب الزوجان فان قلنا: إنهما وكيلان نفذ تصرفهما كما ينفذ تصرف الوكيل مع غيبة الموكل، وان قلنا: إنهما حاكمان لم ينفذ حكمهما، لان الحكم للغائب لا يجوز، وان جنا لم ينفذ حكم الحكمين، لأنهما في أحد القولين وكيلان. والوكالة تبطل بجنون الموكل. وفى القول الآخر: حاكمان الا أنهما يحكمان للشقاق وبالجنون زال الشقاق.
(الشرح) في قوله تعالى (وان امرأة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا) الآية. أخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة عليها السلام قالت: هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها فيريد طلاقها ويتزوج غيرها تقول له:
أمسكني ولا تطلقني ثم تزوج غيري وأنت في حل من النفقة على والقسم لي.
فذلك قوله تعالى (فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير) وفى رواية قالت (هو الرجل يرى من امرأته ما لا يعجبه كبرا أو غيره فيريد فراقها فتقول: أمسكني وأقسم لم ما شئت. قالت فلا بأس إذا تراضيا).
وأما قوله تعالى (وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) الآية. فان أصل الشقاق ان كل واحد منهما يأخذ غير شق صاحبه، أي ناحية غير ناحيته، وأضيف الشقاق إلى الظرف لاجرائه مجرى المفعول به.
كقوله تعالى (بل مكر الليل والنهار) وقولهم (يا سارق الليلة أهل الدار) والخطاب للأمراء والحاكم. والضمير في قوله بينهما للزوجين لأنه قد تقدم ذكر ما يدل عليهما، وهو ذكر الرجال والنساء.
أما أحكام الفصل: فان ظهر من الزوج أمارات النشوز بأن يكلمها بخشونة بعد أن كان يلين لها في القول أو لا يستدعيها إلى الفراش كما كان يفعل إلى غير ذلك. فلا بأس أن تترك له بعض حقها من النفقة والكسوة والقسم، لتطيب