فإن دعى إلى موضع فيه تصاوير فإن كان صور ما لا روح فيها كالشمس والقمر والأشجار جلس سواء كانت معلقة أو مبسوطة، لان ذلك يجرى مجرى النقوش، وإن كان صور حيوان فإن كان على بساط أو مخاد توطأ أو يتكأ عليها فلا بأس أن يحضر، لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى سترا معلقا في بيت عائشة أم المؤمنين عليه صور حيوان فقال صلى الله عليه وسلم: اقطعيه مخادا، ولأنه يبتذل ويهان، وإن كان على ستور معلقة فقد قال عامة أصحابنا:
لا يجوز له الدخول إليها لما روى على قال: أحدثت طعاما فدعوت النبي صلى الله عليه وسلم فلما أتى الباب رجع ولم يدخل، وقال: لا أدخل بيتا فيه صور، فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صور، وقيل إن أصل عبادة الأوثان كانت الصور.
قال في البيان: وذلك أن آدم صلوات الله عليه لما مات جعل في تابوت فكان بنوه يعظمونه: ثم افترقوا فحصل قوم منهم في ذروة جبل وقوم منهم في أسفله وحصل التابوت مع أهل الذروة فلم يقدر من في أسفله على الصعود إليهم فاشتد عليهم ذلك فصوروا مثاله من حجارة وعظموه، فلما طال الزمان ونشأ من بعدهم رأوا آباءهم يعظمون تلك الصور فظنوا أنهم كانوا يعبدونها من دون الله فعبدوها وإذا كان هذا هو السبب وجب أن يكون محرما.
وقال ابن الصباغ هذا عندي لا يكون أكثر من المنكر مثل الخمر والملاهي وقد جوزوا له الدخول إلى الموضع التي هي فيه، سواء قدر على إزالتها أو لم يقدر وما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يدل على التحريم، بل يدل على الكراهة، وما روى عن الملائكة يحتمل أن يكون في ذلك الزمان، لان الأصنام كانت تعظم فيه والتماثيل، وأما الزمان الذي لا يعتقد فيه شئ من ذلك فلا يجرى مجراه. اه وقال الشافعي رضي الله عنه في الام: فإن كانت المنازل مسترة فلا بأس أن يدخلها، ليس فيه شئ أكرهه سوى السرف، لما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لا نستر الجدر، ولان في ذلك سرفا فكره لمن فعله دون من يدخل إليه.