دليلنا قوله تعالى (وقالت امرأة فرعون) وقوله تعالى (تبت يدا أبى لهب وتب إلى قوله وامرأته حمالة الحطب) فأضاف امرأتيهما إليهما وحقيقة الإضافة تقتضي الملك، وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ولدت من نكاح لا من سفاح) وكان مولودا في الشرك.
إذا ثبت هذا فان أسلم الزوجان المشركان معا فإن كانا عند إسلامهما يجوز ابتداء النكاح بينهما أقرا على نكاحهما الأول، وإن كانا عقدا بغير ولى ولا شهود لأنه أسلم خلق كبير وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على أنكحتهم، ولم يسأل عن شروطها، وإن كان لا يجوز لهما ابتداء النكاح بينهما، فإن كانت محرمة عليه بنسب أو رضاع أو صهارة أو معتدة عنه لأنه لا يجوز لهما ابتداء النكاح فلا يجوز إقرارهما عليه.
قال أصحابنا: فإن أسلم الزوج والزوجة كتابية أقرا على النكاح لأنه يجوز للمسلم ابتداء النكاح على الكتابية فأقرا عليه، وإن أسلم أحد الزوجين الوثنيين أو المجوسيين أو أسلم الزوج ولم تسلم الزوجة، فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح، وإن كان بعد الدخول وقف النكاح، وإن أسلم الكافر منهما قبل انقضاء عدة الزوجة أقرا على النكاح، وأن لم يسلم الكافر منهما حتى انقضت عدة الزوجة بانت منه من وقت إسلام المسلم منهما، ولا فرق بين أن يكون ذلك في دار الاسلام أو في دار الحرب، وبه قال أحمد.
وقال مالك: إن كانت هي المسلمة فكما قلنا، وإن كان هو المسلم عرض عليها الاسلام في الحال، فإن أسلمت والا انفسخ نكاحها، وقال أبو بكر رضي الله عنه ان أسلم الزوج قبل الزوجة وقعت الفرقة بكل حال.
وقال أبو حنيفة: إن كان في دار الحرب وكان ذلك بعد الدخول فالنكاح موقوف على انقضاء العدة كقولنا، وإن كان في دار الاسلام فسواء كان قبل الدخول أو بعده فإن النكاح لا ينفسخ بل يعرض على المتأخر منهما الاسلام، فإن أسلم فهما على الزوجية، وان لم يسلم فرق بينهما بتطليقة، وان لم يعرض الاسلام على المتأخر منهما وأقاما على الزوجية مدة طويلة فهما على النكاح.
دليلنا ما رويناه من الاخبار التي تفيد بمنطوقها أن الناس كانوا يسلمون على