عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل قبل المرأة والمرأة قبل الرجل، فأيهما أسلم قبل انقضاء عدة المرأة فهي امرأته، وان أسلم بعد انقضاء العدة فلا نكاح بينهما، والعدة لا تكون الا بعد الدخول، ولم يفرق بين أن أسلم الرجل أو لا أو المرأة، وبين أن يكون في دار الاسلام أو في دار الحرب، فإن أسلم الزوجان في حالة واحدة قبل الدخول لم ينفسخ نكاحهما لأنه لم يسبق أحدهما الآخر.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وان أسلم الحر وتحته أكثر من أربع نسوة وأسلمن معه، لزمه أن يختار أربعا منهن، لما روى ابن عمر رضي الله عنه (أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعا) ولان ما زاد على أربع لا يجوز اقرار المسلم عليه، فإن امتنع أجبر عليه بالحبس والتعزير، لأنه حق توجه عليه لا تدخله النيابة فأجبر عليه، فإن أغمي عليه في الحبس خلى إلى أن يفيق لأنه خرج عن أن يكون من أهل الاختيار، فخلى كما يخلى من عليه دين إذا أعسر به، فان أفاق أعيد إلى الحبس والتعزير إلى أن يختار، ويؤخذ بنفقة جميعهن إلى أن يختار لأنهن محبوسات عليه بحكم النكاح، والاختيار أن يقول: اخترت نكاح هؤلاء الأربع، فينفسخ نكاح البواقي، أو يقول: اخترت فراق هؤلاء، فيثبت نكاح البواقي: وان طلق واحدة منهن كان ذلك اختيارا لنكاحها، لان الطلاق لا يكون الا في زوجة، وان ظاهر منها أو آلى لم يكن ذلك اختيارا لأنه قد يخاطب به غير الزوج، وان وطئ واحدة ففيه وجهان.
(أحدهما) أنه اختيار لان الوطئ لا يجوز الا في ملك فدل على الاختيار كوطئ البائع الجارية المبيعة بشرط الخيار.
(والثاني) وهو الصحيح أنه ليس باختيار لأنه اختيار للنكاح فلم يجز بالوطئ كالرجعة، وان قال كلما أسلمت واحدة منكن فقد اخترت نكاحها لم يصح لان الاختيار كالنكاح فلم يجز تعليقه على الصفة ولا في غير معين، وان قال: كلما أسلمت واحدة منكن فقد اخترت فسخ نكاحها لم يصح، لان الفسخ لا يجوز