قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن اجتمع في شخص جهتا فرض، كالمجوسي إذا تزوج ابنته فأتت منه ببنت، فإن الزوجة صارت أم البنت وأختها من الأب، والبنت بنت الزوجة وأختها، فإن ماتت البنت ورثتها الزوجة بأقوى القرابتين وهي بكونها أما، ولا ترث بكونا أختا، لأنها شخص واحد اجتمع فيه شيئان يورث بكل واحد منهما الفرض فورث بأقواهما ولم ترث بهما، كالأخت من الأب والام وإن ماتت الزوجة ورثتها البنت النصف بكونها بنتا، وهل ترث الباقي بكونها أختا، فيه وجهان.
(أحدهما) لا ترث، لما ذكرناه من العلة.
(والثاني) ترث، لان إرثها بكونها بنتا بالفرض إرثها بكونها أختا بالتعصيب لان الأخت مع البنت عصبة، فجاز أن ترث بهما كأخ من أم وهو ابن عم.
(الشرح) كان في بعض الشعوب القديمة إباحة التزوج بالابنة والأخت كالمصريين فقد كان فراعينهم يتزوجون بأخواتهم كزواج توت عنخ آمون من شقيقته نفرتيتي، وكذلك فعل رعمسيس وغيره من هؤلاء، وكذلك المجوس في فارس وخراسان والهند، وقد شبب المتنبي في شعره وتغزل في أخته فقال لا سامحه الله:
يا أخت معتنق الفوارس في الوغى * لأخوك ثم ارق منك وارحم يرنو إليك مع العفاف وعنده * ان المجوس تصيب فيما تحكم اما الأحكام: فإنه إذا أدلى شخص بنسبين أو سببين إلى مورثه فإنه يورث بكل واحد منهما فرضا مقدرا مثل ان يتزوج المجوسي ابنته فأولدها بنتا فلا خلاف انهما لا يورثان بالزوجية، واما القرابة فإنهما قد صارتا أختين لأب وإحداهما أم الأخرى، فإن مات الأب كان لابنته الثلثان وما بقي لعصبته، فإن ماتت السفلى ورثتها الأخرى بأقوى القرابتين، وهي كونها اما، وهكذا لو وطئ مسلم ابنته بشبهة فأتت ببنت فإنها بنتها وأختها لأب، فان ماتت البنت السفلى ورثتها أمها