الجدات يجتمع فيه جدتان أم الام وأم الأب، فان عدمت إحداهما ووجدت الأخرى كان السدس للموجودة منهما، وإن اجتمعا كان السدس بينهما.
قال الشيخ أبو حامد لما روى الحكم عن علي بن أبي طالب رض الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الجدتين السدس، وروى القاسم بن محمد قال (أتت الجدتان أم الام وأم الأب أبا بكر الصديق فأراد أن يجعل السدس للتي من قبل الام، فقال له رجل من الأنصار أما أنك تترك التي لو ماتت وهو حي كان إياها يرث فجعل السدس بينهما) رواه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن القاسم ورواه الدارقطني من طريق ابن عيينة.
قال الشيخ أبو حامد: وأصحابنا يحكون أن هذه القضية كانت لعمر، وإنما هي قضية أبى بكر، ومعنى قول الأنصاري تترك التي لو ماتت وهو حي كان إياها يرث لأنه ابن ابنها، فإذا ارتفع الجدات إلى المنزلة الثانية، اجتمع أربع جدات اثنتان من جهة الام، وهما أم أم الام، وأم أب الام، واثنتان من جهة الأب فأما أم أم الام، وأم أم الأب فهما وارثتان بلا خلاف، وأما أم أب الام فإنها غير وارثة، وهو قول الفقهاء كافة، إلا ما روى عن ابن سيرين أنه ورثها وهذا خطأ لأنها تدلى (1) بمن ليس بوارث فلم تكن وارثة كابنة الخال، وأما الجدة أم أب الأب فهل ترثه، ففيه قولان.
(أحدهما) لا ترث، وبه قال أهل الحجاز الزهري وربيعة ومالك لأنها جدة تدلى بجد فلم ترث كأم أب الام، فعلى هذا لا يرث قط إلا جدتان.
(والثاني) انها ترث، وبه قال علي وابن مسعود وابن عباس، وهي إحدى الروايتين عن زيد بن ثابت، وبه قال الحسن البصري وابن سيرين وأهل الكوفة والثوري وأبو حنيفة وأصحابه وهو الصحيح، لأنها جده تدلى بوارث فورثت كأم الام، ولان تعليل الصحابة رضي الله عنهم موجود فيها حيث قال لأبي بكر في أم الأب ورثتها عمن لو ماتت لم يرثها ولم تورثها عمن لو ماتت ورثها فورثها أبو بكر رضي الله عنه لهذه العلة، وهي أم الأب فعلى هذا ترث في الدرجة الثانية