ومن أصحابنا الخراسانيين من قال: في المهر قولان والأول هو المشهور، فان قال الولي: زوجتك ابنتي بألف فقال الزوج: قبلت نكاحها بخمسمائة وجب لها مهر مثلها لان الايجاب والقبول لم يتفقا على مهر واحد.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل) ويجوز أن يكون الصداق دينا وعينا وحالا ومؤجلا لأنه عقد على المنفعة فجاز بما ذكرناه كالإجارة.
(فصل) ويجوز أن يكون منفعة كالخدمة وتعليم القرآن وغيرهما من المنافع المباحة لقوله عز وجل (إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج) فجعل الرعى صداقا وزوج النبي صلى الله عليه وسلم الواهبة من الذي خطبها بما معه من القرآن، ولا يجوز أن يكون محرما كالخمر وتعليم التوراة وتعليم القرآن للذمية، لا تتعلمه للرغبة في الاسلام، ولا ما فيه غرر كالمعدوم والمجهول ولا ما لم يتم ملكه عليه كالمبيع قبل القبض، ولا ما لا يقدر على تسليمه كالعبد الآبق والطير الطائر، لأنه عوض في عقد فلا يجوز بما ذكرناه كالعوض في البيع والإجارة، فإن تزوج على شئ من ذلك لم يبطل النكاح، لان فساده ليس بأكثر من عدمه، فإذا صح النكاح مع عدمه صح مع فساده، ويجب مهر المثل لأنها لم ترض من غير بدل، ولم يسلم لها البدل، وتعذر رد المعوض فوجب رد بدله كما لو باع سلعه بمحرم وتلفت في يد المشترى.
(الشرح) يصح أن يكون الصداق دينا وعينا، فإذا كان دينا صح أن يكون حالا ومؤجلا، فإن أطلق كان حالا كما قلنا في الثمن، ويصح أن يكون الصداق منفعة يصح عقد الإجارة عليها كمنفعة العبيد والبهائم والأرض والدور لأنه عقد على المنفعة فجاز بما ذكرناه كالإجارة.
(فرع) ويصح أن تكون منفعة الحر صداقا كالخياطة والبناء وتعليم القرآن وما أشبه ذلك مما يصح استئجاره عليه، وبه قال مالك رحمه الله إلا أنه قال: يكره ذلك. وقال أبو حنيفة رحمه الله لا يصح.