وأما حديث عائشة الثاني فقد أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة والدارقطني عن أبي سلمة قال (سألت عائشة رضي الله عنها كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشأ، قالت: أتدري ما النش، قلت. لا. قالت نصف أوقية، فتلك خمسمائة درهم) قوله (فر) فعل أمر من رأى محذوف الوسط المهموز كحذف همزة الوسط في سأل فيقال: سل، ولأنه معتل الآخر فهو مبنى على حذف حرف العلة وبذلك حذفت الألف المهموزة والألف المقصورة فكان فعل الامر (ر) راء مفتوحة فقط.
والصداق فيه لغات أولها بفتح الصاد، والثانية كسرها، والجمع صدق بضمتين والثالثة لغة الحجاز، صدقة بفتح الصاد وضم الدال وجمعها صدقات على لفظها وفى التنزيل (وآتوا النساء صدقاتهن) والرابعة لغة تميم صدقه بضم الصاد وإسكان الدال والجمع صدقات مثل غرفه وغرفات في وجوهها، والخامسة صدقه وجمعها صدق مثل قرية وقرى، وأصدقتها أعطيتها صداقها وأصدقتها تزوجتها على صداق وشئ صدق وزان فلس أي صلب.
(أما الأحكام) الصداق هو ما تستحقه المرأة بدلا في النكاح وله سبعة أسماء الصداق والنحلة والأجرة والفريضة والمهر والعليقة والعقد، لان الله تعالى سماه الصداق والنحلة والفريضة، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم المهر والعليقة، وسماه عمر بن الخطاب رضي الله عنه العقد، قال تعالى (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة) وقال تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة، فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون) الآية، وقال صلى الله عليه وسلم (فان مسها فلها المهر بما استحل من فرجها) وقال صلى الله عليه وسلم (أدوا العلائق، قيل وما العلائق قال ما تراضى عليه الأهلون) فان قيل لم سماه نحلة، والنحلة العطية بغير عوض، والمهر ليس بعطية وإنما هو عوض عن الاستمتاع، ففيه ثلاثة تأويلات.
أحدها: أنه لم يرد بالنحلة العطية، وإنما أراد بالنحلة من الانحال وهو التدين