الحرم يدفع عنه، فلما خرج منه أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه) الحديث.
أما قول الجوهري بأنه كان دليلا للحبشة حين توجهوا إلى مكة فمات في الطريق غير معتد به، وكذا قول ابن سيدة في المخصص أنه كان عبدا لشعيب وكان عشارا جائرا، وقد سبق لنا الكلام على إسناد الحديث وما في وهم معمر وتفرده والعلل في الخبر.
أما الأحكام: فإذا أسلم الرجل وتحته أكثر من أربع زوجات فأسلمن معه في العدة أو كن كتابيات، لزمه أن يختار أربعا منهن، ويفارق ما زاد سواء تزوجهن بعقد واحد أو بعقود، وسواء اختار من نكاحها أولا أو آخرا، وبه قال مالك وأحمد ومحمد بن الحسن. وقال الزهري وأبو حنيفة وأبو يوسف: لا يصح التخيير بحال، بل إن كان تزوجهن بعقد واحد بطل نكاح الجميع، ولا يحل له واحدة منهن إلا بعقد مستأنف، فإن تزوجهن بعقود لزمه نكاح الأربع الأوائل، وبطل نكاح من بعدهن. دليلنا ما روى عن غيلان بن سلمة في قصة إسلامه التي أتينا عليها قبل.
(فرع) إذا أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة وأسلمن فقد ذكرنا أنه يجب عليه أن يختار الأربع منهن لقوله صلى الله عليه وسلم لغيلان: اختر أربعا، وهذا أمر، والامر يدل على الوجوب، فإن لم يختر أجبره الحاكم على الاختيار، لأنه لا يجوز له أن يمسك أكثر من أربع ويحبسه ليختار، فإن لم يفعل أخرجه وضربه جلدات دون أقل الجلد، فإن لم يختر اعاده إلى الحبس، فإن لم يفعل أخرجه وضربه ثانيا وعلى هذا يتكرر عليه الحبس والضرب إلى أن يختار، لان هذا حق يتعين عليه، فهو كما لو كان عليه دين وله مال ناض أخفاه فإنه يحبس ويعزر إلى أن يظهره ليقضى به الدين، ويجب عليه ان ينفق على جميعهن إلى أن يختار لأنهن محبوسات عليه، فان جن في حال الحبس أطلق سراحه لأنه خرج عن أن يكون من أهل الاختيار، فإذا افاق أعيد إلى الحبس والتعزير، ولا ينوب الحاكم عنه في الاختيار، لأنه اختيار شهوة فلم يثب عنه الحاكم.
فان قال لأربع منهن: اخترتكن أو اخترت نكاحكن أو اخترت حبسكن