عثمان، وإن الجارية كانت تباع بوزنها، وقد بلغ ثمن الفرس خمسين ألفا (1).
فلو صح ذلك.. فما دافع المنتفضين يا ترى؟
إن قيل: الطمع في الحكم، فيعقل تصوره في البعض، أما طمع الكل فمحال يقينا، مضافا إلى أن الطامعين يلزم أن يستندوا على أمور لإثارة الرأي العام، فالإحداثات المالية وتقريب بني أعمامه لا توجب الثورة، فما هي الركائز التي استند عليها المعارضون له يا ترى؟!
يظهر لنا أن ثمة أمورا جعلت من الطبري وغيره يتخوف من بيانها (رعاية) لحال العامة!
قال الطبري: قد ذكرنا كثيرا من الأسباب التي ذكر قاتلوه أنهم جعلوها ذريعة إلى قتله، فأعرضنا عن ذكر كثير منها لعلل دعت إلى الإعراض عنها (2).
وقال في مكان آخر: إن محمد بن أبي بكر كتب إلى معاوية لما ولي، فذكر مكاتبات جرت بينهما، كرهت ذكرها لما فيه ما لا يتحمل سماعها العامة (3).
وقال ابن الأثير - عن أسباب مقتل عثمان -: قد تركنا كثيرا من الأسباب التي جعلها الناس ذريعة إلى قتله لعلل دعت إلى ذلك (4).
والآن.. نعاود السؤال، ولا نريد به إثارة رأي العامة - كما ادعاه الطبري - أو نقل ما يكرهونه.. بل للوقوف على الحقيقة ومعرفتها، بعيدا عن الأحاسيس والعواطف، إذ يلزم أن تدرس الأحداث التاريخية كما هي، ولا ينبغي أن يكون دور للأهواء والعواطف فيها، وأحببنا أن لا نكون كالطبري وابن الأثير، وأمثالهما ممن ينقل الحدث مبتورا لأسباب مخفية، ولا يبالون بالبتر حتى وإن أوجب ذلك