قدومه إليها استخلص من أهلها قوما يسمرون عنده، فقال سعيد يوما: إن السواد بستان لقريش وبني أمية.. فاعترض مالك الأشتر النخعي على هذه الرؤية الخاطئة فقال: أتزعم أن السواد الذي أفاءه الله على المسلمين بأسيافنا بستان لك، ولقومك؟!
فقال صاحب شرطته: أترد على الأمير مقالته!
فهم النخعيون بصاحب الشرطة بحضرة سعيد، وجروا برجله، فغلظ ذلك على سعيد، فكتب إلى عثمان في أمر هؤلاء، فأمر بتسييرهم إلى الشام (1).
ومعاوية لم يطق محاججتهم، واتهمهم بأنهم يتكلمون بألسنة الشياطين ويغيرون المفاهيم القرآنية، وطلب من عثمان إرجاعهم إلى الكوفة، وفعل الأخير ذلك.
وبذلك فقد عرفت أن سبب تسيير هؤلاء هو مخالفتهم رؤية كان الوالي (سعيد بن العاص) يحملها عن بيت مال المسلمين.
هذا وقد روى أبو مخنف والواقدي، أن الناس أنكروا على عثمان إعطاءه سعيدا مائة ألف درهم، وجاء علي، والزبير، وطلحة، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف فيمن جاؤوه، فقال: إن له قرابة ورحما.
قالوا: فما كان لأبي بكر وعمر قرابة ورحم؟
قال: إن أبا بكر وعمر يحتسبان في منع قرابتهما، وأنا أحتسب في إعطاء قرابتي (2).
وفي هذا الإحداث كذلك أمور لو تدبر الباحث فيها لعرفها.
3 - عثمان والنداء الثالث يوم الجمعة.