عامة وستصبح أضحوكة وستمحى، لتظافر السلطة مع عامة الصحابة ضدها.
والمثير للدهشة هنا، أن الخليفة الثالث لم يتخذ أية من هذه الإجراءات الثلاثة، بل والأغرب من ذلك.. نراه يلتجئ إلى طريقة معاكسة لما يفترض لعلاج مثل هذه المسألة، فقد تصرف وكأنه متهم مشار إليه، وذلك باتخاذه موقف الدفاع، والتشبث بكل صغيرة وكبيرة لدعم فكرته.. وكأن الوضوء ليس من العبادات الواضحة في الشريعة، كما سترى لاحقا!!
نعم، قد اتجه الخليفة إلى الطريقة الأولى، ولكن لا كما تتطلبه مصلحة الدين والملة، بل لتحصين فكرته الخاصة به، فقد كانت القوة طريقته المثلى باطراد لتثبيت أفكاره وإسكات معارضيه طيلة سني حكمه الاثنتي عشرة، لأنه يرى في القوة الأسلوب الأنجح والأكثر ترويضا، ولذا نراه قد استخدمه حتى في أبسط وأقل المسائل أهمية، وسخره بنطاق واسع في قمع معارضيه الفكريين، مع احتمال كونهم أقرب منه إلى الحق، وهو أبعد عنه بمسافات شاسعة!
لو قلنا: إن كلا الفكرتين متوازيتان، أو إن فكرة الخليفة هي الأرجح، فأين وجه الصواب باستخدام القوة بذلك النطاق الواسع، مع وجود باب الحوار والنقاش مفتوحا على مصراعيه؟!
ونحن لا نريد بهذه العجالة أن نقدم جردا إحصائيا عن سياسة العنف التي اتبعها الخليفة مع الصحابة، بل ننوه إلى بعض المواقف:
منها: ما جاء في الكامل وغيره: بأن عثمان لما ولي الخلافة عفى عن عبيد الله بن عمر لقتله الهرمزان، وقد احتج عليه بعض الصحابة ومنهم، زياد بن لبيد البياضي الأنصاري.
والأخير أنشد عبيد الله بعض الأبيات، فشكاه إلى عثمان، فدعا عثمان زيادا فنهاه وشذبه (1).