المسح (1).
ونحن نرجح صدور هذا النص في العهد الأموي لأمور:
1 - أوصلتنا البحوث السابقة إلى أن الخلاف بين المسلمين في الوضوء وقع في عهد عثمان، ولم يكن له ذكر في عهد الرسول والشيخين، ورجحنا كذلك أن إحداثات عثمان كانت في الست الأواخر من عهده، وروينا عنه أنه كان يمسح على رجليه في أوائل عهده، وتوصلنا كذلك إلى أن الأمة كانت لا ترضى عن عثمان ولم تأخذ برأيه، وذكرنا نصوصا كثيرة عن الصحابة ومخالفتهم إياه.
وعليه.. فإن جملة ابن عباس: (... وإن الناس أبوا إلا الغسل) لا يتناسب إلا مع افتراض صدوره في العصر الأموي، حيث جاء انسياق الناس تبعا لرأي للدولة.
2 - نحتمل صدور هذا الخبر في أوائل العهد الأموي، أي فيما بين سنة 40 إلى 60، وذلك لسببين:
الأول: حالة الانفتاح واللين التي كان يمارسها معاوية مع بعض الصحابة وإمكان مناقشة ابن عباس مع الربيع.
الثاني: اضطهاد ابن عباس بعد مقتل الحسين وتخليه عن الافتاء، حتى قيل عنه بأنه لما وقعت الفتنة بين ابن الزبير وعبد الملك بن مروان رحل مع محمد بن الحنفية إلى مكة، وأن ابن الزبير طلب منهما أن يبايعاه فأبيا، والجميع يعرف ما يكنه ابن الزبير لبني هاشم، هذا عن ابن الزبير. أما بالنسبة إلى المروانيين، فإن ابن عباس لم يكن على وفاق مع عبد الملك بن مروان وغيره.. وعليه، فلم تكن له تلك الحرية في عهد المروانيين حتى يمكنه مناقشة الربيع في رأيها.
3 - يفهم من النص السابق أن ابن عباس جاء مستنكرا لا مستفهما، إذ لا يعقل أن يأخذ ابن عباس - وهو الذي عاش في بيت النبوة، والقائل: (نحن أهل البيت، شجرة النبوة، ومختلف الملائكة، وأهل بيت الرسالة، وأهل بيت الرحمة، ومعدن العلم) (2) - من امرأة ليست من كبار الصحابة ولا من أجلائهم.