مسألة 12: المحارب إذا وجب عليه حد من حدود الله لأجل المحاربة مثل انحتام القتل أو قطع اليد والرجل من خلاف أو الصلب ثم تاب قبل أن يقام عليه الحد سقط بلا خلاف، وإن تاب بعد القدرة عليه لا يسقط بلا خلاف، ولا يجب عليه من حدود الآدميين فلا يسقط كالقصاص والقذف، وضمان الأموال وما يجب عليه من حدود الله التي لا تختص بالمحاربة كحد الزنى والشرب واللواط، فإنها تسقط عنه بالتوبة قبل القدرة عليه، وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، والثاني لا تسقط.
دليلنا: إجماع الفرقة على أن التائب قبل إقامة الحد عليه يسقط حده، وأيضا قوله تعالى: إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم.
مسألة 13: كل من وجب عليه حد من حدود الله من شرب الخمر أو الزنى أو السرقة من غير المحاربين ثم تاب من قبل قيام البينة عليه بذلك فإنها بالتوبة تسقط، وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، والثاني لا تسقط.
دليلنا: إجماع الفرقة على ذلك على ما قدمناه، وأخبارهم، وأيضا قوله تعالى: والسارق والسارقة، إلى قوله: فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم، فأمر بقطع السارق قبل التوبة ثم بين أن من تاب منهم وأصلح عمله فإن الله يغفر له، ثبت أنه يسقط عنه.
فإن قيل: المراد غفران المأثم.
قلنا: أن ما تقدم ذكره هو القطع فعادت الكناية إليه، والثاني يحمل عليهما وأنه إذا شرط فيه إصلاح العمل والمأثم تسقط بمجرد التوبة، ثبت أن المراد به ما ذكرناه، وأيضا روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: الإسلام يجب ما قبله، وفي بعضها التوبة تجب ما قبلها، وروي أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: إني أصبت حدا فأقمه على، فقال: أليس قد توضأت؟ قال: بلى، قال: أليس قد صليت؟ قال: بلى، فقال: سقط عنك.