من هذا، ويتبعهم أينما حلوا في طلبهم، وإذا قدر عليهم أقام عليهم هذه الحدود، وبه قال في الصحابة عبد الله بن عباس، وفي الفقهاء حماد والليث بن سعد ومحمد بن الحسن والشافعي.
ونحو هذا قول أبو حنيفة وإنما خالف في فصلين قال: إذا قتل وأخذ المال قطع وقتل، وعندنا يصلب، والثاني أن النفي عندنا ما قلناه وعنده النفي هو الحبس، وحكى الطحاوي عن أبي حنيفة مثل مذهبنا وليس كما حكاه وإنما ذلك مذهب محمد بن الحسن، فأما مذهبه فما حكاه الكرخي في الجامع الصغير أن الإمام مخير بين أربعة أشياء: بين أن يقطع من خلاف ويقتل أو يقطع من خلاف ويصلب، وإن شاء قتل ولم يقطع وإن شاء صلب ولم يقطع، والكلام عليه يأتي.
وقال مالك: الآية مرتبة على صفة قاطع الطريق وهو إذا شهر السلاح وأخاف السبيل لقطع الطريق كانت عقوبته مرتبة على صفته، فإن كان من أهل الرأي والتدبير قتله، وإن كان من أهل القتال دون التدبير قطعه من خلاف، وإن لم يكن واحدا منهما لا تدبير ولا بطش نفاه من الأرض، ونفيه أن يخرجه إلى بلد آخر فيحبسه فيه.
وذهب قوم إلى أن أحكامها على التخيير فمتى شهر السلاح وأخاف السبيل لقطع الطريق كان الإمام مخيرا بين أربعة أشياء: القتل، والقطع، والصلب، والنفي من الأرض، ذهب إليه ابن المسيب والحسن البصري وعطاء ومجاهد، فخرج من هذا مذهبان: التخيير عند التابعين والترتيب عند الفقهاء.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم.
فأيضا روي عن ابن عباس أنه قال: أن يقتلوا إن قتلوا أو يصلبوا إن قتلوا أو أخذوا المال أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف إن أخذوا المال ولم يقتلوا أو ينفوا من الأرض، على ما فسرناه، فإما أن يكون قوله توقيفا أو لغة، فأيهما كان صح ما قلناه.