وأما إن أرسل إليها رجلا من قبل نفسه وقال لها: الإمام يدعوك، ففزعت فأسقطت، فالضمان على الرسول لأن الإسقاط بسبب كان منه لا صنع للإمام فيه، فيكون الدية على عاقلته.
إذا أمره الإمام بقتل رجل لا يجوز قتله عند المأمور، ويجوز عند الإمام، مثل أن كان الإمام حنفيا فأمر شافعيا بقتل مؤمن بكافر أو حر بعبد أو زان بشهادة الزوايا فقتله، يعتقد أن الإمام يذهب إلى جواز قتله - وإن كنت أنا لا أجيزه -، فإذا أقدم على هذا فقتله بغير إكراه فالضمان على المأمور لأنه إنما يلزمه القبول من إمامه فيما عرف أنه حق أو خفي سببه عليه، فأما ما يعتقده حراما فلا يسوع له قبوله منه، فإذا فعل فعليه الضمان.
وعندنا وإن لم تتقدر هذه المسألة فقد تتقدر في غيرها، في غيرها مثل أن يأمره الإمام بقتل من زنا بذي محرم له ولا يكون محصنا أو بقتل ذمي إذا فجر بمسلمة، وإن لم يكن محصنا، ويكون المأمور لا يعتقد ذلك، فالحكم فيه أنه مخطئ في الاعتقاد عندنا، لأنا لا نقول كل مجتهد مصيب، لكنه لا يلزمه الضمان لأن القتل وقع موقعه.
إذا أمره الإمام بجلد القاذف ثمانين فزاد الجلاد سوطا فمات المحدود، فعلى الجلاد الضمان، وكم يضمن؟ قال قوم: نصف الدية، وهو الذي يقوى في نفسي، وقال آخرون: جزء واحد من واحد وثمانين، جزءا من الدية لأنها تقسط على عدد الضرب.
فإن أمر الإمام الجلاد أن يضرب ثمانين، فقال: اضرب وأنا أعد، فضربه والإمام يعد، فغلط الإمام فزاد واحدا على ثمانين فالضمان على الإمام لأنه زاد واحدا، وأين يضمن؟ على ما مضى، وإن قال: اضرب ما شئت فليس له الزيادة على الحد، فإن زاد فالضمان عليه وحده دون الإمام.
فإن أمر الإمام رجلا بصعود نخل أو نزول بئر فوقع فمات، فالضمان على الإمام لأنه ألجأه إليه لأنه قبل منه معتقدا أنه يطيع إمامه، ثم ينظر فيه: فإن