كل من أتى معصية لا يجب بها الحد فإنه يعزر مثل أن سرق نصابا من غير حرز أو أقل من نصاب من حرز أو وطئ أجنبية فيما دون الفرج أو قبلها أو شتم إنسانا أو ضربه فإن الإمام يعزره، وهكذا إذا نشزت امرأة فله ضربها تأديبا لا تعزيرا، وهكذا يضرب الرجل ولده وكذلك الجد وأمين الحاكم، والوصي يؤدب اليتيم، وكذلك المعلم يؤدب الصبيان إجماعا ويكون التعزير بما دون الحد.
وروى أبو بردة بن نهار أن النبي عليه وآله السلام قال: لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله.
والتعزير موكول إلى الإمام لا يجب عليه ذلك، فإن رأى التعزير فعل وإن رأى تركه فعل سواء كان عنده أنه لا يردعه غير التعزير أو كان يرتدع بغير تعزير، وقال بعضهم: متى كان عنده أنه يرتدع بغيره فهو بالخيار بين إقامته وتركه، وإن كان عنده أنه لا يردعه إلا التعزير فعليه التعزير، وهو الأحوط.
التعزير لا يبلغ به أدنى الحدود عندنا وعند جماعة، وأدناها تسعة وسبعون في حق الأحرار، وعند قوم تسعة وثلاثون لأن حد الشرب أربعون عنده وأدناها في حق العبد عندنا خمسون إلا واحدا وهو حد الزاني، فأما الشرب والقذف فقد روى أصحابنا أن حد العبد مثل حد الحر سواء، وروي أنه على النصف، فعلى هذا يكون تعزيره تسعة وثلاثين، وقال بعضهم: أدنى حد العبد عشرون في الشرب فعلى هذا يضرب في التعزير إلى تسعة عشر سوطا، وفيه خلاف كثير ذكرناه في الخلاف.
ولا يجوز إقامة الحدود في المساجد إعظاما لها وتنزيها، لما روي أن النبي عليه وآله السلام نهى أن يستقاد في المساجد وأن تنشد فيها الأشعار، وأن تقام فيها الحدود، وروي عنه عليه وآله السلام أنه قال: لا تقام الحدود في المساجد ولا يقاد بالولد الوالد، وقال علي عليه السلام: جنبوا مساجدكم الصبيان والمجانين، و روي أنه سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فقال: لا وجدتها إنما بنيت المساجد لذكر الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.